بها بل ما تنبهنا لها وما عرفنا كيفيتها وكميتها، ثم إنه سبحانه على تزايد غفلتنا وتقصيرنا يزيد في أنواع النعم والرحمة والكرم، فكنا من أول عمرنا إلى آخره لا نزال نتزايد في درجات النقصان والتقصير واستحقاق الذم، وهو سبحانه لا يزال يزيد في الإحسان واللطف والكرم، واستحقاق الحمد والثناء فإنه كلما كان تقصيرنا أشد كان إنعامه علينا بعد ذلك أعظم وقعاً وكلما كان إنعامه علينا أكثر وقعاً، كان تقصيرنا في شكره أقبح وأسوأ، فلا تزال أفعالنا تزداد قبائح ومحاسن أفعاله على سبيل الدوام بحيث لا تفضي إلى الانقطاع ثم إنه قال في هذه الآية :﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين﴾ وهذا تخويف شديد لكنا نقول : إلهنا صدر منك ما يليق بك من الكرم والعفو والرحمة والإحسان وصدر منا ما يليق بنا من الجهل والغدر
والتقصير والكسل، فنسألك بك وبفضلك العميم أن تتجاوز عنا يا أرحم الراحمين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ٤ صـ ٤٠ـ ٤٢﴾
قوله تعالى ﴿قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾
سؤال : ما المراد بالإمام فى الآية الكريمة ؟
الجواب كما ذكره الإمام الفخر :
أما قوله تعالى :﴿إِنّى جاعلك لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ فالإمام اسم من يؤتم به كالإزار لما يؤتزر به، أي يأتمون بك في دينك. وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال أهل التحقيق : المراد من الإمام ههنا النبي ويدل عليه وجوه. أحدها : أن قوله :﴿لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾ يدل على أنه تعالى جعله إماماً لكل الناس والذي يكون كذلك لا بد وأن يكون رسولاً من عند الله مستقلاً بالشرع لأنه لو كان تبعاً لرسول آخر لكان مأموماً لذلك الرسول لا إماماً له، فحينئذ يبطل العموم. وثانيها : أن اللفظ يدل على أنه إمام في كل شيء والذي يكون كذلك لا بد وأن يكون نبياً. وثالثها : أن الأنبياء عليهم السلام أئمة من حيث يجب على الخلق اتباعهم، قال الله تعالى :


الصفحة التالية
Icon