﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء : ٧٣] والخلفاء أيضاً أئمة لأنهم رتبوا في المحل الذي يجب على الناس اتباعهم وقبول قولهم وأحكامهم والقضاة والفقهاء أيضاً أئمة لهذا المعنى، والذي يصلي بالناس يسمى أيضاً إماماً لأن من دخل في صلاته لزمه الائتمام به. قال عليه الصلاة والسلام :" إنما جعل الإمام إماماً ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا ولا تختلفوا على إمامكم " فثبت بهذ أن اسم الإمام لمن استحق الاقتداء به في الدين وقد يسمى بذلك أيضاً من يؤتم به في الباطل، قال الله تعالى :﴿وجعلناهم أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النار﴾ [القصص : ٤١] إلا أن اسم الإمام لا يتناوله على الإطلاق بل لا يستعمل فيه إلا مقيداً، فإنه لما ذكر أئمة الضلال قيده بقوله تعالى :﴿يَدْعُونَ إِلَى النار﴾ كما أن اسم الإله لا يتناول إلا المعبود الحق، فأما المعبود الباطل فإنما يطلق عليه اسم الإله مع القيد، قال الله تعالى :﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ ءالِهَتَهُمُ التى يَدْعُونَ مِن دُونِ الله مِن شَىْء﴾ [هود : ١٠١] وقال :﴿وانظر إلى إلهك الذى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً﴾ [طه : ٩٧] إذا ثبت أن اسم الإمام يتناول ما ذكرناه، وثبت أن الأنبياء في أعلى مراتب الإمامة وجب حمل اللفظ ههنا عليه، لأن الله تعالى ذكر لفظ الإمام ههنا في معرض الامتنان، فلا بد وأن تكون تلك النعمة من أعظم النعم ليحسن نسبة الامتنان فوجب حمل هذه الإمامة على النبوة.


الصفحة التالية
Icon