أحدها : أى " ومنْ ذُرِّيَّتي " صفة لموصوف محذوف هو مفعول أول، والمفعول الثَّاني والعامل فيهما محذوف تقديره : قال : واجعل فريقاً من ذريتي إماماً قاله أبو البقاء.
الثاني : أن " وَمِنْ ذُرِّيَتِي " عطف على " الكاف "، كأنه قال :" وجاعل بعض ذرّيتي " كما يقال لك : سأكرمك، فتقول : وزيداً.
قال أبو حَيَّان : لا يصح العطف على الكاف ؛ لأنها مجرورة، فالعطف عليها لا يكون إلاَّ بإعادة الجار، ولم يُعَدْ ؛ ولأن " مِنْ " لا يمكن تقدير إضافة الجار إليها لكونها حرفاً، وتقديرها مرادفة لبعض حتى تصحّ الإضافة إليها لا يصح، ولا يصح أن يقدر العطف من باب العطف على موضع الكاف ؛ لأنه نصب، فتجعل " مِنْ " في موضع نصب ؛ لأنه ليس مما يعطف فيه على الموضع [ في مذهب سيبويه رحمه الله تعالى ] لفوات المحرز، وليس نظير ما ذكر ؛ لأن " الكاف " في " سأكرمك " في موضع نصب.
الثالث : قال أبو حيان : والذي يقتضيه المعنى أني يكون " مِنْ ذُرِّيَّتِي " متعلقاً بمحذوف، التقدير : واجعل من ذريتي إماماً، لأن " إبراهيم " فهم من قوله : إني جاعلك للنَّاس إماماً الاختصاص فسأل أ، يجعل من ذرّيته إماماً.
قال شهاب الدِّين : إن أراد الشيخ التعلّق الصناعي، فيتعدّى " جاعل " لواحد، فهذا ليس بظاهر.
وإن أراد التعلق المعنوي، فيجوز أن يريد ما يريده أبو البقاء، ويجوز أن يكون " مِنْ ذُرِّيَّتِي " مفعولاً ثانياً قدم على الأول، فيتعلّق بمحذوف، وجاز ذلك لأنه ينعقد من هذين الجزءين مبتدأ وخبر لو قلت :" من ذريتي إمام " لصح.
وقال ابن عطية : وقيل هذا منه على جهة الاستفهام عنهم أي : ومن ذرّيتي يا رب ماذا يكون ؟ فيتعلّق على هذا بمحذوف، ولو قدره قبل " مِنْ ذُرِّيَّتِي " لكان أولى ؛ لأن ما في حَيّز الاستفهام لا يتقدم عليه.


الصفحة التالية
Icon