وفي " ذرية " ثلاث لغات ضمّ الذال وكسرها وفتحها، وبالضم قرأ الجمهور، وبالفتح قرأ أبو جعفر الداني وبالكسر قرأ زيد بن ثابت. وفي تصريفها كلام طويل يحتاج الناظر فيه إلى تأمل.
فصل في اشتقاق ذريّة
فأما اشتقاقها ففيه أربعة مذاهب :
أحدها : أنها مشتقة من " ذَرَوْتُ ".
الثاني : من " ذَرَيْتُ ".
الثالث : من ذَرَأَ الله الخَلْق.
الرابع : من الذَّرِّ.
وأما تصريفها فَذُرِّيَّة بالضم إن كانت من ذَرَوْتُ، فيجوز فيها أن يكون وزنها " فُعُّولَة "، والأصلك " ذُرُّوْوَة "، فاجتمع واوان : الأولى زائدة للمد، والثانية لام الكلمة فقلبت لام الكلمة ياء تخفيفاً، فصار اللفظ " ذُرُّويَة "، فاجتمع ياء وواو، وسَبَقَتْ إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء التي هي منقلبة من لام الكلمة، وكسر ما قبل الياء، وهي الراء للتجانس.
ويجوز أن يكون وزنها " فُعِّيلَة "، والأصل :" ذُرِّيْوَة "، فاجتمع ياء المد والواو التي هي لام الكلمة، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت فيها ياء المد. وإن كانت من ذَرَيْتُ لغة في ذَرَوْتُ فيجوز فيها أيضاً أن يكون وزنها " فْعُّولة " أو فُعِّيلَة كما تقدم، وإن كانت " فُعُّولة " فالأصل " ذُرُّوْيَة " ففعل به ما تقدم من القلب والإدغام.
وإن كانت " فُعِّيْلَة " فالأصل " ذُرِّيَية "، فأدغمت الياء الزائدة في الياء التي هي لام. وإن كانت من ذرأ مهموزاً، فوزنها، " فُعِّيْلة "، والأصل :" ذُرِّيْئة " فخففت الهمزة بأن أبدلت ياء كهمزة " خطيئة " والنسيء "، ثم أدغمت الياء الزائدة في الياء المبدلة من الهمزة.
وإن كانت من " الذَّر " فيجوز في وزنها أربعة أوجه :