قوله تعالى :﴿وَاتَّخِذُوا﴾ قرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء على الخبر، وقرأ الباقون بكسر الخاء على الأمر ﴿مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ قال ابن يمان (٢) المسجد كله مقام إبراهيم، وقال إبراهيم النخعي : الحرم كله مقام إبراهيم، وقيل : أراد بمقام إبراهيم جميع مشاهد الحج، مثل عرفة ومزدلفة وسائر المشاهد.
والصحيح أن مقام إبراهيم هو الحجر الذي في المسجد يصلي إليه الأئمة، وذلك الحجر الذي قام عليه إبراهيم ـ عليه السلام ـ عند بناء البيت، وقيل : كان أثر أصابع رجليه بينا فيه فاندرس من كثرة المسح بالأيدي، قال قتادة ومقاتل والسدي : أمروا بالصلاة عند مقام إبراهيم ولم يؤمروا بمسحه وتقبيله. أ هـ ﴿تفسير البغوى حـ١ صـ ١٤٧﴾
ومقام إبراهيم هو الحجر الذي قام عليه حين جاء لزيارة ولده إسماعيل عليهما الصلاة والسلام فلم يجده، فغسلت امرأة إسماعيل رأسه وهو معتمد برجله عليه وهو راكب، غسلت شق رأسه الأيمن وهو معتمد على الحجر برجله اليمنى، ثم أدارت الحجر إلى الجانب الأيسر وغسلت شقه الأيسر، فغاصت رجلاه فيه ؛ ولهذا أثر قدميه مختلف، أصابع هذه عند عقب هذه، وهو قبل أن يبني البيت - والله أعلم بمراده. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ١ صـ ٢٤٠﴾
وقال ابن عطية :
واختلف في ﴿مقام إبراهيم﴾، فقال ابن عباس وقتادة وغيرهما، وخرجه البخاري : إنه الحجر الذي ارتفع عليه إبراهيم حين ضعف عن رفع الحجارة التي كان إسماعيل يناوله إياها في بناء البيت وغرقت قدماه فيه.
وقال الربيع بن أنس : هو حجر ناولته إياه امرأته فاغتسل عليه وهو راكب، جاءته به من شق ثم من شق فغرقت رجلاه فيه حين اعتمد عليه، وقال فريق من العلماء : المقام المسجد الحرام، وقال عطاء بن أبي رباح : المقام عرفة والمزدلفة والجمار، وقال ابن عباس : مقامه مواقف الحج كلها، وقال مجاهد : مقامه الحرم كله. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ١ صـ ٢٠٨﴾
وقد رجح الفخر الرازى القول الأول واحتج له فقال :


الصفحة التالية
Icon