واتفق المحققون على أن القول الأول أولى ويدل عليه وجوه. الأول : ما روى جابر أنه ـ عليه السلام ـ لما فرغ من الطواف أتى المقام وتلا قوله تعالى :﴿واتخذوا مِن مَّقَامِ إبراهيم مُصَلًّى﴾ فقراءة هذه اللفظة عند ذلك الموضع تدل على أن المراد من هذه اللفظة هو ذلك الموضع ظاهر. وثانيها : أن هذا الاسم في العرف مختص بذلك الموضع والدليل عليه أن سائلاً لو سأل المكي بمكة عن مقام إبراهيم لم يجبه ولم يفهم منه إلا هذا الموضع. وثالثها : ما روي أنه ـ عليه السلام ـ مر بالمقام ومعه عمر فقال : يا رسول الله أليس هذا مقام أبينا إبراهيم ؟ قال : بلى. قال : أفلا نتخذه مصلى ؟ قال : لم أومر بذلك، فلم تغب الشمس من يومهم حتى نزلت الآية. ورابعها : أن الحجر صار تحت قدميه في رطوبة الطين حتى غاصت فيه رجلا إبراهيم ـ عليه السلام ـ، وذلك من أظهر الدلائل على وحدانية الله تعالى ومعجزة إبراهيم ـ عليه السلام ـ فكان اختصاصه بإبراهيم أولى من اختصاص غيره به، فكان إطلاق هذا الاسم عليه أولى. وخامسها : أنه تعالى قال :﴿واتخذوا مِن مَّقَامِ إبراهيم مُصَلًّى﴾ وليس للصلاة تعلق بالحرم ولا بسائر المواضع إلا بهذا الموضع، فوجب أن يكون مقام إبراهيم هو هذا الموضع. وسادسها : أن مقام إبراهيم هو موضع قيامه، وثبت بالأخبار أنه قام على هذا الحجر عند المغتسل ولم يثبت قيامه على غيره فحمل هذا اللفظ، أعني : مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ على الحجر يكون أولى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ٤٥﴾