أحدها : التنويه بأمر الصلاة فيه، والتعظيم لشأنها حيث أفرد، للعناية بها، جملة على حدة.
وثانيها : التذكير بأنه مقام الأب الأكبر للأنبياء كافة، وما كان مقامه فجدير أن يحترم ويعظم.
وثالثها : التنصيص على أن هذا الاتخاذ بأمر رباني لا بتشريع بشر، تمهيداً للأمر باستقباله، وإلزاماً لمن جادل فيه، وهم اليهود.
وقد روى الشيخان وغيرهما أن عمر رضي الله عنه قال : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت :﴿ وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾
قال ابن كثير : ومقام إبراهيم هو الحجر الذي يصلي عنده الأئمة، وذلك الحجر هو الذي قام إبراهيم عليه السلام عند بناء البيت، لما ارتفع الجدار أتاه إسماعيل عليه السلام به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيد لرفع الجدار، وكلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى، يطوف حول الكعبة وهو واقف عليه، كلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها، وهكذا حتى تم جدران الكعبة، كما جاء بيانه في قصة إبراهيم وإسماعيل في بناء البيت من رواية ابن عباس عند البخاري.
قال ابن كثير : وقد كان هذا المقام ملصقاً بجدار الكعبة قديماً، ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك، وكان الخليل عليه السلام، لما فرغ من بناء البيت، وضعه إلى جدار الكعبة، أو أنه انتهى عنده البناء، فتركه هناك، ولهذا - والله أعلم - أمر بالصلاة هناك عند الفراغ من الطواف، وناسب أن يكون عند مقام إبراهيم حيث انتهى بناء الكعبة فيه. كما فعل رسول ﷺ، فإنه لما قدم مكة طاف بالبيت سبعاً، وجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين.


الصفحة التالية
Icon