قال ابن كثير : وإنما أخره عن جدار الكعبة إلى موضعه الآن عمر رضي الله عنه، ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة، وقد روى البيهقي بسنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت : إن المقام كان في زمان رسول الله ﷺ، وزمان أبي بكر رضي الله عنه ملتصقاً بالبيت، ثم آخره عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقال سفيان بن عيينة، وهو إمام المكيين في زمانه : كان المقام من سُقع البيت على عهد رسول الله ﷺ، فحوله عمر إلى مكانه بعد النبي ﷺ. قال : ذهب السيل به بعد تحويل عمر إياه من موضعه هذا فردّه عمر إليه. وقال سفيان : لا أدري كم بينه وبين الكعبة قبل تحويله : وقال أيضاً : لا أدري أكان لاصقاً بها أم لا.
وأثر عائشة المتقدم يدل على أنه كان لاصقاً بها. والله أعلم.
وقال الحافظ الشيخ عُمَر بن الحافظ التقيّ محمد بن فهد المكيّ الهاشميّ، في كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى " في حوادث سنة سبع عشرة : فيها جاء سيل عظيم يعرف بسيل أم نهشل من أعلى مكة من طريق الردم، فدخل المسجد الحرام واقتلع مقام إبراهيم من موضعه، وذهب به حتى وجد بأسفل مكة، وعيّن مكانه الذي كان فيه لما عفاه السيل، فأتى به وربط بلصق الكعبة في وجهها، وذهب السيل بأم نهشل بنت عبيدة بن سعد بن العاص بن أمية. فماتت فيه واستخرجت بأسفل مكة، وكان سيلاً هائلاً. فكتب بذلك إلى أمير المؤمنين عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه وهو بالمدينة الشريفة، فهاله ذلك، وركب فزعاً إلى مكة، فدخلا بعمرة في شهر رمضان، فلما وصل إلى مكة وقف على حجر المقام وهو ملصق بالبيت الشريف. ثم قال : أنشد الله عبداً عنده علم في هذا المقام !.