فقال المطلب بن أبي وداعة السهمي رضي الله عنه : أنا يا أمير المؤمنين عندي علم ذلك، فقد كنت أخشى عليه مثل هذا الأمر، فأخذت قدره من موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط، وهي عندي في البيت. فقال له عمر : اجلس عندي وأرسل إليها من يأتي بها. فجلس عنده وأرسل إليها فأتي بها، فقيس، ووضع حجر المقام في هذا المحل الذي هو فيه الآن، وأحكم ذلك واستمر إلى الآن. انتهى :﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾ أي : أمرناهما. وتعديته بـ :﴿ إلى ﴾ لأنه في معنى : تقدمنا وأوحينا :﴿ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ ﴾ أي : عن كل رجس حسي ومعنوي : فلا يفعل بحضرته شيء لا يليق في الشرع، أو ابنياه على طهر من الشرك بي. كما قال تعالى :﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ [ الحج : ٢٦ ]، أو أخلصاه للطائفين وما بعده لئلا يغشاه غيرهم. فاللام صلة :﴿ طهراً ﴾ على هذا. وعلى ما قبله، لام العلة ؛ أي : طهراه لأجلهم. وقوله تعالى :﴿ لِلطَّائِفِينَ ﴾ أي : حوله. وعن سعيد بن جبير : يعني من أتاه من غربة :﴿ وَالْعَاكِفِينَ ﴾ يعني أهله المقيمين فيه أو المعتكفين. كما روى ابن أبي حاتم بسنده إلى ثابت قال : قلنا لعبد الله بن عبيد بن عمير : ما أُراني إلا مكلِّم الأمير : أن أمنع الذين ينامون في المسجد الحرام، فإنهم يُجنبون ويُحدثون. قال : لا تفعل فإن ابن عمر سئل عنهم فقال : هم العاكفون. ورواه عبد بن حميد في مسنده. وقد ثبت في الصحيح أن ابن عمر كان ينام في مسجد الرسول ﷺ وهو عزب.
وفي " الكشاف " : يجوز أن يريد بالعاكفين الواقفين، يعني القائمين في الصلاة.


الصفحة التالية
Icon