وقيل : يعود على الله تعالى، ويكون التفاتاً أيضاً وخروجاً من ضمير المتكلم المعظم نفسه إلى ضمير الغائب المفرد. قال ابن عطية : ويحتمل عندي أن يعود الضمير على الهدى الذي تقدّم، وذلك أنه ذكر كفار اليهود والنصارى في الآية، وحذر رسوله من اتباع أهوائهم، وأعلمه بأن هدى الله هو الهدى الذي أعطاه وبعثه به. ثم ذكر له أن المؤمنين التالين لكتاب الله هم المؤمنون بذلك الهدى المقتدون بأنواره. انتهى كلامه، وهو محتمل لما ذكر. لكن الظاهر أن يعود على الكتاب لتتناسب الضمائر ولا تختلف، فيحصل التعقيد في اللفظ، والإلباس في المعنى، لأنه إذا كان جعل الضمائر المتناسبة عائدة على واحد، والمعنى فيها جيد صحيح الإسناد، كان أولى من جعلها متنافرة، ولا نعدل إلى ذلك إلا بصارف عن الوجه الأول، إمّا لفظي، وإمّا معنوي. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ١ صـ٥٤٠﴾
سؤال : فإن قيل لم جيء قولُه تعالى :﴿أولئك يؤمنون به﴾ باسم الإشارة في تعريفهم دون الضمير وغيره ؟
فالجواب كما ذكره الشيخ الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله ـ
للتنبيه على أن الأوصاف المتقدمة التي استحضروا بواسطتها حتى أشير إليهم باتصافهم بها هي الموجبة لجدارتهم بالحكم المسند لاسم الإشارة على حد ﴿أولئك على هدى من ربهم﴾ [البقرة : ٥] فلا شك أن تلاوتهم الكتاب حق تلاوته تثبت لهم أوْحَدِيَّتهم بالإيمان بذلك الكتاب لأن إيمان غيرهم به كالعدم. (١) أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١ صـ ٤٠١﴾
قوله تعالى :﴿ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون﴾ أي : الكاملون في الخسران، حيث بخسوا أنفسهم من عَزِّ الدارين. أ هـ البحر المديد حـ ١ صـ ٦١}
فى توثيق تفسير التحرير والتنوير للشيخ محمد الطاهر بن عاشور ـ رحمه الله ـ على طبعة : الدار التونسية ١٩٨٤
وباقى الكتاب موثق وفقا لطبعة : مؤسسة التاريخ العربي، بيروت - لبنان
الطبعة : الأولى، ١٤٢٠ هـ / ٢٠٠٠ م
والله ولى التوفيق