يكون ركوبه في نهر دجلة الواقع عليها بلد نينوى التي بعث لأهلها وقد التقمه الحوت الذي أمره اللّه بأن يأتي من البحر إلى محل ركوبه وسبح به حتى أدخله البحر وطاف به ما شاء اللّه من البحار حتى ألهمه ذلك التسبيح العظيم فعاد به إلى قرب المحل الذي التقمه من أرض نصيبين قالوا وذلك بعد ثلاثة أيام، قال تعالى "وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ١٤٦" القرع الطويل غير الكوسا وغير المحزق الذي يسبح عليه وهو معروف، والحكمة من اختيار اللّه تعالى لهذه الشجرة دون غيرها لأنها سريعة النبات والنمو ولأنها لا يقف الذباب عليها فضلا عن الإظلال، وكان خروجه عليه السلام مثل الفرخ الذي لا ريش له إذ هري لحمه من سخونة بطن الحوت وكل شيء يؤذيه إذا لمسه، لذلك لطف اللّه به فأنبت عليه هذه الشجرة، قالوا وكانت هناك وعلة تختلف إليه فيشرب من لبنها صباح مساء وبقي حتى اشتد لحمه وجمد عظمه وثبت شعره، فنام ذات ليلة تحت ظلالها، فلما استيقظ وجدها يابسة فحزن لما فاته من ظلها ودفع الذباب عنه فجاءه جبريل عليه السلام وقال له أتحزن على شجرة يا يونس ولا تحزن على مئة ألف من أمتك قد تابوا وأسلموا، وذلك قوله تعالى "وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ١٤٧" في نظر الرائي أي إذا رآهم أحد يقول هؤلاء مئة ألف وأكثر لأن الإرسال كان قبل أن يصيبه ما أصابه فذهب إليهم "فَآمَنُوا" به وكان إيمانهم باللّه تعالى عند معاينتهم العذاب بعد أن تركهم راجع القصة في الآية ٩٧ من سورة يونس المارة، قال تعالى "فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ ١٤٨" انقضاء آجالهم فيها حسبما هو مقدر في علمنا، هذا وإنما لم يختم اللّه تعالى قصتي لوط ويونس عليهما السلام بالسلام كما ختم القصص قبلهما لأنه ختم هذه السورة بالسلام على جميع المرسلين وهما من جملتهم وقد سبق بحث لهذه القصة في الآية ٤٩ من سورة نون في ج ١ فراجعها، ثم التفت جل


الصفحة التالية
Icon