و الحق أن الجن فصيلة على حدة لقوله تعالى (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) الآية ٢٧ من سورة الحجر المارة، وقد نسب اللّه تعالى إليهم إبليس بقوله (كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) الآية ٥٠ من سورة الكهف الآتية، وقدمنا ما يتعلق بالجن في الآية الأولى من سورة الجن في ج ١ فراجعه تعلم أن خلقهم كان قبل آدم وألمعنا لهذا البحث في الآية ٢٨ من سورة الحجر المارة بأنهم ليسوا من الملائكة وأنهم سكنوا الأرض قبل آدم وأفسدوا فأهلكهم اللّه وشتتهم راجع الآية ٣٠ من سورة البقرة في ج ٣، قال تعالى "وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ" بتعليم اللّه إياهم "إِنَّهُمْ" قائلي هذا القول "لَمُحْضَرُونَ ١٥٨" في الآخرة بالموقف العظيم ومزجوجون في نار الجحيم، فلو كانوا مناسبين اللّه أو أصهاره أو شركاءه تعالى اللّه عن ذلك كله لما عذبهم، وقد أخبر واخباره حق بأنه محاسبهم على إفكهم هذا ومعاقبهم عليه ومجازيهم على بهتهم في النار، ثم إنه نزه نفسه المنزهة بقوله "سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٥٩" حضرة الربوبية ويفترون عليه من نسبة الولد والزوجة لذاته المبرأة عن ذلك، ثم أخبر جل إخباره بأن كلا من الجن والإنس القائلين بحق اللّه ما لا يليق محضرون ومحاسبون على ما تفوهوا به ونائلهم جزاء عملهم القبيح "إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ١٦٠" عملهم إليه منهما فهم ناجون وإن إخلاصهم يوصلهم الجنة ويتنعمون بها واعلموا أيها المشركون


الصفحة التالية
Icon