وَمَعْنى (لا) كقوله ﴿كَذَلكَ سَلَكْنَاهُ فىِ قُلُوبِ المُجْرِمِينَ لاَ يُؤمِنُون بِهِ﴾ لو كان فى موضع (لا) (أَنْ) صلح ذلكَ، كما قال ﴿يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ وكَمَا قَالَ﴿وَأَلْقىَ فِى الأَرْضِ رَوَاسِىَ أن تمِيدَ بكم﴾ ويصلح فى (لا) عَلى هذا المعْنَى الجزم. العرب تقول: ربطت الفرسَ لا ينفلتْ، وأوثقتُ عبدى لا يفرِرْ. وأنشدنى بعض بنى عُقَيلٍ:
وَحتّى رَأينا أحسَنَ الوُدِّ بينَنَا * مساكتةً لا يَقْرِفِ الشرَّ قَارفُ
وبعضهم يقول: لا يَقرْفُ الشّر والرفع لغة أهل الحجاز. وبذلكَ جَاء القرآن.
وقوله: ﴿مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً...(-)﴾
بضمّ الدال. ونَصَبها أبو عبدالرحمن السُلَمِىّ. فمنَ ضمَّها جَعَلها مصدراً ؛ كقولك: دَحرته دُحُوراً. ومن فتحها جَعَلها اسماً ؛ كأنه قالَ: يقذفون بداحرٍ وبما يَدْحرُ. وَلستُ أشتهيها ؛ لأنها لو وُجِّهت عَلى ذلكَ على صحَّةٍ لكانت فيها البَاء: كما تقول: يُقذفون بالحجارة، ولا تقول يُقذفونَ الحجارةَ. وهوَ جائزِ ؛ قال الشاعر:
نُغَالى اللحم للأضيافِ نِيئاً * وتُرخصه إذا نضِجَ القدورُ
والكلام: نغالى باللحم.
وقوله: ﴿عَذابٌ وَاصِبٌ﴾ ﴿وَلَهُ الدِّينُ وَاصِباً﴾ دائم خالصٌ.
﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ ﴾
قوله: ﴿مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ...﴾
اللازب: اللاصق. وقيس تقول: طين لاتب. أنشدنى بعضهم:
صُدَاعٌ وتَوْصيم العظام وفَتْرة * وغَثْىٌ مع الإشراق فى الجَوْف لاتب
والعرب تقول: ليس هذا بضربةِ لازب ولازم، يبدلون الباء ميماً ؛ لتقارب المخرج.
﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾
وقوله: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ...﴾


الصفحة التالية
Icon