بل هذا الجفاف ضرورة الاستكمال، والبلوغ من تتمة الأفعال. فإنا في أول الأمر ما [نكون] في غاية الرطوبة، [وبحسب] ذلك كثرة الحرارة، وإلا عفنت واحتنقت، فهي تستولي عليها، [وتعمل] في أكلها وتجفيفها حتى يبلغ البدن الحد المعتدل، ثم التجفيف يكون أقوى من الأول، لأن المادة تهي أقبل فلا يزال يزداد حتى يفني رطوبة القلب بحرارته، فتصير الحرارة الغريزية بالعرض سبباً لإطفاء نفسها، وعند ذلك يعرف، وجعل حياته بالفناء والآفات. فهو -وهو حي- ميت. كما قال عز من قائل: (إنك ميت وإنهم لميتون). (فراغ عليهم) [٩٣] مال إليهم. والروغ [والروغان] ذهاب في ختل وخفية. (ضرباً باليمين) بالقوة. وقيل: باليمين التي هي خلاف الشمال.
وقيل: بالحلف التي [تألى] بها في قوله: (وتالله لأكيدن أصنامكم). وقول [الحادرة]: ١٠٣٥- ولدى أشعث باسط ليمينه قسماً لقد أنضجت لم يتورع. يحتمل اليمينين التي هي خلاف الشمال، والتي هي القسم. (يزفون) [٩٤] يسرعون. زف يزف زفيفاً، وأزف يزف إزفافاً. (فلما بلغ معه السعي) [١٠٢] أي: ألوان/السعي في طاعة الله وعبادته.
(فانظر ماذا ترى) ليس ذلك على المؤامرة، ولكنه اختبر بذلك أيجزع أم يصبر، فقال: (ستجدني إن شاء الله من الصابرين). (وتله) [١٠٣] صرعه على جبينه. وقال قطرب: ضرب به على تل. [وجواب] (فلما أسلما): (وناديناه) فيكون الواو [مقحمة، ] كما قال: ١٠٣٦- حتى إذا [قملت] بطونكم ورأيتم أبناءكم شبوا
١٠٣٧- وقلبتم ظهر المجن لنا إن اللئيم لعاجز [خب]. أي: قلبتم. ويجوز أن يكون الجواب: (إن هذا لهو البلاء)، أي: لما بلغ الأمر بهما إلى ما ذكر، بلغ البلاء غايته. وقيل: إن البلاء هاهنا بمعنى النعمة، بدليل ما تقدمه من: (وناديناه) وما تعقبه من: (وفديناه). وهذا كما قال أوس بن حجر: ١٠٣٨- وقد غبرت شهري ربيع كليهما بحمل البلايا والخباء الممدد ١٠٣٩- سنجزيك أو يجزيك عنا مثوب وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي.


الصفحة التالية
Icon