وقال الجنيد : إن اللّه تعالى لا يتعجب من شيء ولكن وافق رسوله، أما العجب من الناس فيحمل على إنكار الشيء ويكون معناه روعة تعتري الإنسان عند رؤية ما يستعظمه، أي أن اللّه ورسوله يعجبان من عدم اكتراثهم بذلك "وَ" الحال أنهم "يَسْخَرُونَ ١٢" به وبمنزله ومن أنزل عليه لغاية جهلهم بحقيقة الأمر وكنه ما اشتمل عليه "وَإِذا ذُكِّرُوا" هؤلاء الساخرون "لا يَذْكُرُونَ ١٣" اللّه ولا يتعظون بما نصب لهم من الآيات والأدلة على وحدانية اللّه، ولا ينتفعون بتذكيرك لهم، لأن دأبهم عدم الاتعاظ والانتفاع
"وَإِذا رَأَوْا آيَةً" باهرة جليلة أظهرها اللّه على يد رسوله مثل الإخبار بالغيب وإنزال القرآن وانشقاق القمر والإسراء والمعراج وما وقع فيها من الآيات لا يؤمنون بها ولا يكترثون بمنزلها ولا يلتفتون إلى من أنزلت عليه، ولكنهم "يَسْتَسْخِرُونَ ١٤" يستدعي بعضهم بعضا لأجل السخرية والاستهزاء بها "وَقالُوا" فضلا عن ذلك "إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ١٥" ظاهر يموه به ويخيل علينا محمد ويرينا ما لم يكن كائنا، ويزعم أنه قرآن وما هو بقرآن، وقالوا أيضا على طريق السّخرية "أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ١٦" مرة ثانية كما يخبرنا محمد فنعود أحياء كما كنا قبل الموت كلا لا يكون ذلك البتة "أَ وَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ ١٧" أيضا يبعثون، يقولون هذا على طريق الاستفهام الإنكاري لاستبعادهم الحياة بعد الموت "قُلْ" يا أكمل الرسل "نَعَمْ" تبعثون "وَأَنْتُمْ داخِرُونَ ١٨" صاغرون وإذا أراد اللّه ذلك "فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ" صيحة "واحِدَةٌ" من السيّد إسرافيل عليه السلام بأمر ربه "فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ ١٩" إلى بعضهم أحياء "وَقالُوا" بعضهم لبعض بعد أن رأوا أنفسهم أحياء في الموقف المهيب (وجاء الماضي موضع المستقبل


الصفحة التالية
Icon