وله عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : ما من داع دعي إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما له لا يفارقه، وإن دعى رجل رجلا، ثم قرأ :(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) ثم تقول لهم خزنة الجحيم بعد إدخالهم فيها توبيخا وتقريعا "ما لَكُمْ" أي شيء جرى لكم اليوم أيها الكفرة العتاة لم "لا تَناصَرُونَ ٢٥" لبعضكم كما كنتم في الدنيا تتناصرون على الباطل ولا تفعلون بين إخوانكم وقومكم بالحق بل تنتصرون لقريبكم مهما كان مبطلا قبل أن تقفوا على الحقيقة، ثم يقول
تعالى قوله ذهب عنهم تناصرهم وحان تخاذلهم، فلا يتعاونون الآن كما كانوا قبلا "بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ٢٦" لأمري خاضعون لحكمي أذلاء منقادون لتنفيذ ما أقضي به عليهم "وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ٢٧" فيما بينهم بعد أن انقطع أملهم في معبوديهم ورؤسائهم وتبين لهم عجزهم عن المناصرة وصاروا يتلاومون بينهم "قالُوا" الأتباع لرؤسائهم "إِنَّكُمْ كُنْتُمْ" في الدنيا "تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ ٢٨" من طريق الحلف فتقسمون لنا أن دينكم هو الحق، وتمنعوننا عن اتباع الرسل، وتزيفون لنا ما جاءوا به من عند ربهم حتى أقنعتمونا، فأين الآن يمينكم وأين ما وعدتمونا به ؟ وهذا أولى من تأويل اليمين بالقوة والقهر أو بالخير والبركة، أي كنتم تمنعوننا عن الخير وتصدوننا عن الهدى وتضللوننا عن الحق قهرا وقسرا لما لكم علينا من القوة والغلبة، ووصفت اليمين بالقوة لما يقع فيها من البطش، ووصفت بالخير لأنها مشتقة من اليمن أي البركة.


الصفحة التالية
Icon