هؤلاء أهل الجرم الذين جهلوا الله تعالى، وعظموا أصناماً وأوثاناً ف ﴿ إذا قيل لهم لا إله إلا الله ﴾ وهي كلمة الحق والعروة الوثقى أصابهم كبر وعظم عليهم أن يتركوا أصنامهم وأصنام آبائهم، ونحو هذا كان فعل أبي طالب حين قال له رسول الله ﷺ " أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله "، فقال أبو جهل : أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال آخر ما قال : أنا على ملة عبد المطلب، وبعرض قول ﴿ لا إله إلا الله ﴾ جرت السنة في تلقين الموتى المحتضرين ليخالفوا الكفرة ويخضعوا لها، وأما الطائفة التي قالت ﴿ أئنا لتاركو الهتنا لشاعر مجنون ﴾ فهي من قريش، وإشارتهم بالشاعر المجنون هي إلى محمد ﷺ فرد الله تعالى عليهم أي ليس الأمر كما قالوا من أنه شاعر ﴿ بل جاء بالحق ﴾ من عند الله وصدق الرسل المتقدمة له كموسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم عليهم الصلاة والسلام، ثم أخبر تعالى مخاطباً لهم ويجوز أن يكون التأويل قل لهم يا محمد ﴿ إنكم لذائقو العذاب الأليم ﴾ وقرأ قوم " لذائقو العذابَ " نصباً ووجهها أنه أراد لذائقون فحذف النون تخفيفاً وهي قراءة قد لحنت، وقرأ أبو السمال " لذائقٌ " بالتنوين " العذابَ " نصباً، و﴿ الأليم ﴾ المؤلم، ثم أعلمهم أن ذلك جزاء لهم بأعمالهم واكتسابهم، ثم استثنى عباد الله استثناء منقطعاً وهم المؤمنون الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه، وقرأ الجمهور " المخلَصين " بفتح اللام، وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء وأبو عمرو بكسر اللام، وقد رويت هذه التي في الصافات عن الحسن بفتح اللام.
أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١)