﴿ أولئك ﴾ إشارة إلى العباد المخلصين، وقوله تعالى :﴿ معلوم ﴾، معناه عندهم فقد قرت عيونهم بعلم ما يستدر عليهم من الرزق وبأن شهواتهم تأتيهم لحينها، وإلا فلو كان ذلك معلوماً عند الله تعالى فقط لما تخصص أهل المدينة بشيء وقوله ﴿ وهم مكرمون ﴾ تتميم بليغ للنعيم لأنه رب مرزوق غير مكرم، وذلك أعظم التنكيد، و" السرر " جمع سرير، وقرأ أبو السمال " على سرَر " بفتح الراء الأولى، وفي هذا التقابل حديث مروي عن النبي ﷺ أنه قال في أحيان " وترفع عنهم ستور فينظر بعضهم إلى بعض، ولا محالة أن بعض أحيانهم فيها متخيرون في قصورهم، و﴿ يطاف ﴾ معناه يطوف الوالدان حسبما فسرته آية أخرى، و" الكأس " قال الزجاج والطبري وغيرهما : هو الإناء الذي فيه خمر أو ما يجري مجراه من الأنبذة ونحوها، ولا تسمى كأساً إلا وفيها هذا المشروب المذكور، وقال الضحاك : كل كأس في القرآن فهو خمر، وذهب بعض الناس إلى أن الكأس آنية مخصوصة في الأواني وهو كل ما اتسع فمه ولم يكن له مقبض، ولا يراعى في ذلك كونه بخمر أم لا، وقوله تعالى :﴿ من معين ﴾ يريد من جار مطرد، فالميم في ﴿ معين ﴾ أصلية لأنه من الماء المعين، ويحتمل أن يكون من العين فتكون الميم زائدة أي مما يعين بالعين مستور ولا في خزن، وخمر الدنيا إنما هي معصورة مختزنة، وخمر الآخرة جارية أنهاراً، وقوله ﴿ بيضاء ﴾ يحتمل أن يعود على الكأس ويحتمل أن يعود على الخمر وهو الأظهر، وقال الحسن بن أبي الحسن : خمر الجنة أشد بياضاً من اللبن، وفي قراءة عبد الله بن مسعود " صفراء " فهذا موصوف به الخمر وحدها، وقوله تعالى ﴿ لذة ﴾ أي ذات لذة فوصفها بالمصدر اتساعاً، وقد استعمل هذا حتى قيل لذ بمعنى لذيذ، ومنه قول الشاعر :[ الكامل ]
بحديثك اللذ الذي لو كلّمت... أسد الفلاة به أتين سراعا