[ الذاريات : ١ - ٦ ] وإثبات هذه المطالب العالية الشريفة على المخالفين من الدهرية وأمثالهم بالحلف واليمين لا يليق بالعقلاء، والجواب من وجوه الأول : أنه تعالى قرر التوحيد وصحة البعث والقيامة في سائر السور بالدلائل اليقينية، فلما تقدم ذكر تلك الدلائل لم يبعد تقريرها فذكر القسم تأكيداً لما تقدم لا سيما والقرآن إنما أنزل بلغة العرب وإثبات المطالب بالحلف واليمين طريقة مألوفة عند العرب والوجه الثاني : في الجواب أنه تعالى لما أقسم بهذه الأشياء على صحة قوله تعالى :﴿إِنَّ إلهكم لَوَاحِدٌ﴾ ذكر عقيبه ما هو كالدليل اليقيني في كون الإله واحداً، وهو قوله تعالى :﴿رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ المشارق﴾ وذلك لأنه تعالى بين في قوله :﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا﴾ [ الأنبياء : ٢٢ ] أن انتظام أحوال السموات والأرض يدل على أن الإله واحد، فههنا لما قال :﴿إِنَّ إلهكم لَوَاحِدٌ﴾ أردفه بقوله :﴿رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ المشارق﴾ كأنه قيل قد بينا أن النظر في انتظام هذا العالم دل على كون الإله واحداً فتأملوا في ذلك الدليل ليحصل لكم العلم بالتوحيد الوجه الثالث : في الجواب أن المقصود من هذا الكلام الرد على عبدة الأصنام في قولهم بأنها آلهة فكأنه قيل هذا المذهب قد بلغ في السقوط والركاكة إلى حيث يكفي في إبطاله مثل هذه الحجة، والله أعلم.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon