أي تركنا عليه هذه الكلمة باقية ؛ يعني يسلمون عليه تسليماً ويدعون له ؛ وهو من الكلام المحكي ؛ كقوله تعالى :﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا ﴾ [ النور : ١ ].
والقول الآخر أن يكون المعنى وأبقينا عليه ؛ وتم الكلام ثم ابتدأ فقال :"سَلامٌ عَلَى نُوحٍ" أي سلامة له من أن يذكر بسوء "في الآخِرِينَ".
قال الكسائي : وفي قراءة ابن مسعود "سلاماً" منصوب ب"تركنا" أي تركنا عليه ثناء حسناً سلاماً، وقيل :"في الآخِرِينَ" أي في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل : في الأنبياء إذ لم يبعث بعده نبيّ إلا أمر بالاقتداء به ؛ قال الله تعالى :﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً ﴾ [ الشورى : ١٣ ].
وقال سعيد بن المسيّب : وبلغني أنه من قال حين يمسي ﴿ سَلاَمٌ على نُوحٍ فِي العالمين ﴾ لم تلدغه عقرب.
ذكره أبو عمر في التمهيد.
وفي الموطأ عن خولة بنت حكيم أن رسول الله ﷺ قال :" من نزل منزلاً فليقل أعوذ بكلمات اللّه التامَّاتِ من شر ما خلق فإنه لن يضره شيء حتى يرتحل "
وفيه عن أبي هريرة " أن رجلاً من أسلم قال : ما نمت هذه الليلة ؛ فقال رسول الله ﷺ :"من أي شيء" فقال : لدغتني عقرب ؛ فقال رسول الله ﷺ :"أَما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق لم تضرّك" "
قوله تعالى :﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين ﴾ أي نبقي عليهم الثناء الحسن.
والكاف في موضع نصب ؛ أي جزاء كذلك.
﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين ﴾ هذا بيان إحسانه.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخرين ﴾ أي من كفر.
وجمعه أُخر.
والأصل فيه أن يكون معه "مِن" إلا أنها حذفت ؛ لأن المعنى معروف، ولا يكون آخراً إلا وقبله شيء من جنسه.


الصفحة التالية
Icon