وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ ﴾
أي يتفاوضون فيما بينهم أحاديثهم في الدنيا.
وهو من تمام الأُنس في الجنة.
وهو معطوف على معنى "يُطَاف عَلَيْهِم" المعنى يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشُّراب.
قال بعضهم :
وما بَقيتْ من اللّذاتِ إلا...
أحاديثُ الكِرامِ على المُدامِ
فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عما جرى لهم وعليهم في الدنيا ؛ إلا أنه جيء به ماضياً على عادة الله تعالى في إخباره.
قوله تعالى :﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ ﴾ أي من أهل الجنة ﴿ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ أي صديق ملازم ﴿ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المصدقين ﴾ أي بالمبعث والجزاء.
وقال سعيد بن جبير : قرينه شريكه.
وقد مضى في "الكهف" ذكرهما وقصتهما والاختلاف في اسميهما مستوفًى عند قوله تعالى :﴿ واضرب لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ ﴾ [ الكهف : ٣٢ ] وفيهما أنزل الله جل وعز :﴿ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴾ إلى ﴿ مِنَ المحضرين ﴾ وقيل : أراد بالقرين قرينه من الشيطان كان يوسوس إليه بإنكار البعث.
وقرىء :"أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَّدِّقِينَ" بتشديد الصاد.
رواه عليّ بن كيسة عن سليم عن حمزة.
قال النحاس : ولا يجوز "أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَّدِّقِينَ" لأنه لا معنى للصدقة هاهنا.
وقال القشيري : وفي قراءة عن حمزة "أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَّدِّقِينَ" بتشديد الصاد.
واعترض عليه بأن هذا من التصديق لا من التصدّق.
والاعتراض باطل ؛ لأن القراءة إذا ثبتت عن النبيّ ﷺ فلا مجال للطعن فيها.
فالمعنى "أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَّدِّقِينَ" بالمال طلباً في ثواب الآخرة.
﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ﴾ أي مجزيون محاسبون بعد الموت ف ﴿ قَالَ ﴾ الله تعالى لأهل الجنة :﴿ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ ﴾.