وقيل : هو من قول المؤمن لإخوانه في الجنة هل أنتم مطلعون إلى النار لننظر كيف حال ذلك القرين.
وقيل : هو من قول الملائكة.
وليس "هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ" باستفهام، إنما هو بمعنى الأمر، أي اطلعوا ؛ قاله ابن الأعرابي وغيره.
ومنه لما نزلت آية الخمر، قام عمر قائماً بين يدي النبيّ ﷺ، ثم رفع رأسه إلى السماء، ثم قال : يا رب بياناً أشفى من هذا في الخمر.
فنزلت :﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ ﴾ [ المائدة : ٩١ ] قال : فنادي عمر انتهينا يا ربَّنا.
وقرأ ابن عباس :"هَلْ أَنْتُمْ مُطْلِعُونَ" بإسكان الطاء خفيفة "فَأُطْلِعَ" بقطع الألف مخفَّفة على معنى هل أنتم مقبلون فأقبل.
قال النحاس :"فَأُطْلِعَ فَرَآهُ" فيه قولان : أحدهما أن يكون فعلاً مستقبلاً معناه فأطلع أنا، ويكون منصوباً على أنه جواب الاستفهام.
والقول الثاني أن يكون فعلاً ماضياً ويكون اطلع وأُطْلِعَ واحداً.
قال الزجاج : يقال طَلَع وأَطْلعَ واطلع بمعنًى واحد.
وقد حكي "هَلْ أَنتُم مُّطْلِعُونِ" بكسر النون وأنكره أبو حاتم وغيره.
النحاس : وهو لحن لا يجوز ؛ لأنه جمع بين النون والإضافة، ولو كان مضافاً لكان هل أنتم مُطْلِعيّ، وإن كان سيبويه والفرّاء قد حكيا مثله، وأنشدا :
هُمُ القائلونَ الخيرَ والآمِرونَهُ...
إذا ما خَشَوا مِن مُحْدَثِ الأمرِ مُعْظَما
وأنشد الفراء : والفاعلونه.
وأنشد سيبويه وحده :
ولم يَرْتفِق والناس محتضِرونه...
وهذا شاذٌ خارج عن كلام العرب، وما كان مثل هذا لم يحتجّ به في كتاب الله عز وجل، ولا يدخل في الفصيح.
وقد قيل في توجيهه : إنه أجرى اسم الفاعل مجرى المضارع لقربه منه، فجرى "مُطْلِعُون" مجرى يطلعون.
ذكره أبو الفتح عثمان بن جني وأنشد :
أرأيتَ إن جئتُ به أمْلُودَا...
مُرَجَّلاً ويَلْبَسُ الْبُرُودَا
أقائِلُنَّ أحضِروا الشُّهُودَا...
فأجرى أقائلُنّ مجرى أتَقولُن.