غلاميه وانصرفوا جميعاً إلى بئر السبع وأقام ثمًّ - وفي نسخة : وسكن إبراهيم بئر السبع - انتهى ما عندهم بلفظه فانظر إليه واجمع بينه وبين ما تقدم في البقرة من قصة إسماعيل وإسحاق عليهما السلام تجدهم قد بدلوها بلا شك، لأن الكلام ينقض بعضه بعضاً، وذلك أنه قال في هذه القصة " انطلق بابنك الوحيد " وكرر وصفه بالوحيد في غير موضع، وهذا الوصف إنما يكون حقيقة لإسماعيل عليه السلام وهو دون البلوغ، وأما إسحاق عليه السلام فلم يكن وحيداً ساعة من الدهر، بل ولد وإسماعيل عليه السلام ابن ثلاث عشرة سنة ونيف بشهادة ما عندهم من التوراة، وقوله في آخر القصة " ويتبارك بنسلك جميع الشعوب " لا يكون في غاية الملاءمة إلا لإسماعيل عليه السلام، وأما إسحاق عليه السلام فإنما بورك بنسله الأراضي المقدسة فقط، ولم يتبعهم من غيرهم إلا قليل، بل كانوا هم في كل قليل يتبعون غيرهم على عبادة أوثانهم بشهادة توراتهم وأسفار أنبيائهم يوشع بن نون ومن بعده عليهم السلام، وأما نسل إسماعيل عليه السلام فتبعهم على الدين الحق من جميع الأمم ما لا يحصى عدده ولم يتبعوا هم بعد محمد ـ ﷺ ـ أحداً من الأمم على عبادة غير الله - هذا وفي المتقدم في سورة البقرة أن هبة سارة أمتها هاجر ـ رضى الله عنه ـ ا لإبراهيم عليه السلام كان بعد أن سكن كنعان بعشر سنين، وأن إسماعيل عليه السلام ولد لإبراهيم عليه السلام وهو ابن ست وثمانين سنة، وأن الله تعالى أمره بالختان وهو ابن تسع وتسعين سنة، وأنه في ذلك الوقت بشر بإسحاق عليه السلام، فختن إسماعيل عليه السلام وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وثم ولد له إسحاق عليه السلام وقد أتى عليه مائة سنة، ثم قال ما نصه : وصنع إبراهيم يوم فطم إسحاق ابنه مأدبة عظيمة فأبصرت سارة ابن هاجر المصرية المولود لإبراهيم عليه السلام لاعباً، فقالت لإبراهيم عليه السلام : أخرج هذه الأمة عني، لأن ابن الأمة لا يرث مع


الصفحة التالية
Icon