في بيان الحكمة في ورود هذا التكليف في النوم لا في اليقظة وبيانه من وجوه الأول : أن هذا التكليف كان في نهاية المشقة على الذابح والمذبوح، فورد أولاً في النوم حتى يصير ذلك كالمنبه لورود هذا التكليف الشاق، ثم يتأكد حال النوم بأحوال اليقظة، فحينئذٍ لا يهجم هذا التكليف دفعة واحدة بل شيئاً فشيئاً الثاني : أن الله تعالى جعل رؤيا الأنبياء عليهم السلام حقاً، قال الله تعالى في حق محمد ﷺ :
﴿لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام﴾ [ الفتح : ٢٧ ] وقال عن يوسف عليه السلام :﴿إِنّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا والشمس والقمر رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ﴾ [ يوسف : ٤ ] وقال في حق إبراهيم عليه السلام :﴿إِنّى أرى فِى المنام أَنّى أَذْبَحُكَ﴾ [ الصافات : ١٠٢ ] والمقصود من ذلك تقوية الدلالة على كونهم صادقين، لأن الحال إما حال يقظة وإما حال منام، فإذا تظاهرت الحالتان على الصدق، كان ذلك هو النهاية في بيان كونهم محقين صادقين في كل الأحوال، والله أعلم.
ثم نقول مقامات الأنبياء عليهم السلام على ثلاثة أقسام منها ما يقع على وفق الرؤية كما في قوله تعالى في حق رسولنا ﷺ :﴿لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام﴾ ثم وقع ذلك الشيء بعينه، ومنها ما يقع على الضد كما في حق إبراهيم عليه السلام فإنه رأى الذبح وكان الحاصل هو الفداء والنجاة، ومنها ما يقع على ضرب من التأويل والمناسبة كما في رؤيا يوسف عليه السلام، فلهذا السبب أطبق أهل التعبير على أن المنامات واقعة على هذه الوجوه الثلاثة.
المسألة السادسة :
قرأ حمزة والكسائي :﴿تَرَى﴾ بضم التاء وكسر الراء، أن ما ترى من نفسك من الصبر والتسليم ؟ وقيل ما تشير، والباقون بفتح التاء، ثم منهم من يميل ومنهم من لا يميل.
المسألة السابعة :