ولما كان التقدير : فجزيناك على ذلك لإحسانك فوق ما تحب، وجعلناك إماماً للمتقين، ووهبناك لسان صدق في الآخرين، وجعلنا آلك هم المصطفين، وملأنا منهم الخافقين، علله بأن ذلك سنته دائماً قديماً وحديثاً فقال ما يأتي.
ولما كان ـ ﷺ ـ في همة الذبح وعزمه، فكانت تلك الهمة التي تقصر عنها رتبها السها والسماك، والعزمة التي تتضاءل دون عليّ مكانتها وسني عظمتها عوالي الأفلاك، لا تسكن عن ثورانها، ولا تبرد عن غليانها وفورانها، إلا بأمر شديد، وقول جازم أكيد، قال مؤكداً تنبيهاً على أن همته قد وصلت إلى هذا حده، وأن امتثال الأمر أيسر من الكف بعد المباشرة بالنهي :﴿إنا كذلك﴾ أي مثل هذا الجزاء العظيم ﴿نجزي المحسنين ﴾.
ولما كان جزاءه عظيماً جداً، دل على عظمه بأن علل إكرامه به بقوله معجباً ومعظماً مؤكداً تنبيهاً على أنه خارق للعادة :﴿إن هذا﴾ أي الأمر والطاعة فيه ﴿لهو البلاؤا﴾ أي الاختبار الذي يحيل ما خولط به كائناً ما كان ﴿المبين﴾ أي الظاهر في بابه جداً المظهر لرائيه انه بلاء.


الصفحة التالية
Icon