فهذا مشكل لأنا إن جوزنا هذا كان ذلك قادحاً في كثير من المعجزات، لأنه نقل في معجزات النبي ﷺ كلام الذئب معه وكلام الجمل معه وحنين الجذع، ولو جوزنا أن يدخل الشيطان في جوف جسم ويتكلم.
فحينئذٍ يكون هذا الاحتمال قائماً في الذئب والجمل والجذع، وذلك يقدح في كون هذه الأشياء معجزات القول الثاني : أن البعل هو الرب بلغة اليمن، يقال من بعل هذه الدار، أي من ربها، وسمي الزوج بعلاً لهذا المعنى، قال تعالى :﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدّهِنَّ﴾ [ البقرة : ٢٢٨ ] وقال تعالى :﴿وهذا بَعْلِى شَيْخًا﴾ [ هود : ٧٢ ] فعلى هذا التقدير المعنى، أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة الله.
البحث الثاني : المعتزلة احتجوا بهذه الآية على كون العبد خالقاً لأفعال نفسه، فقالوا : لو لم يكن غير الله خالقاً لما جاز وصف الله بأنه أحسن الخالقين، والكلام فيه قد تقدم في قوله تعالى :
﴿فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين﴾ [ المؤمنون : ١٤ ].
البحث الثالث : كان الملقب بالرشيد الكاتب يقول لو قيل : أتدعون بعلاً وتدعون أحسن الخالقين.
أوهم أنه أحسن، لأنه كان قد تحصل فيه رعاية معنى التحسين وجوابه : أن فصاحة القرآن ليست لأجل رعاية هذه التكاليف، بل لأجل قوة المعاني وجزالة الألفاظ.
واعلم أنه لما عابهم على عبادة غير الله صرح بالتوحيد ونفى الشركاء، فقال :﴿الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ الأولين﴾ وفيه مباحث.
البحث الأول : أنا ذكرنا في هذا الكتاب أن حدوث الأشخاص البشرية كيف يدل على وجود الصانع المختار، وكيف يدل على وحدته وبراءته عن الأضداد والأنداد، فلا فائدة في الإعادة.