البحث الثاني : قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ﴿الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ ءابَائِكُمُ﴾ كلها بالنصب على البدل من قوله :﴿أَحْسَنُ الخالقين﴾ والباقون بالرفع على الاستئناف، والأول اختيار أبي حاتم وأبي عبيد، ونقل صاحب "الكشاف" أن حمزة إذا وصل نصب، وإذا وقف رفع، ولما حكى الله عنه أنه قرر مع قومه التوحيد قال :﴿فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ أي لمحضرون النار غداً، وقد ذكرنا الكلام فيه عند قوله :﴿لَكُنتُ مِنَ المحضرين﴾ [ الصافات : ٥٧ ] ثم قال تعالى :﴿إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين﴾ وذلك لأن قومه ما كذبوه بكليتهم، بل كان فيهم من قبل ذلك التوحيد فلهذا قال تعالى :﴿إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين﴾ يعني الذين أتوا بالتوحيد الخالص فإنهم لا يحضرون ثم قال :﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الأخرين * سلام على إِلْ يَاسِينَ﴾ قرأ نافع وابن عامر ويعقوب ( آل ياسين ) على إضافة لفظ آل إلى لفظ ياسين والباقون بكسر الألف وجزم اللام موصولة بياسين، أما القراءة الأولى ففيها وجوه الأول : وهو الأقرب أنا ذكرنا أنه إلياس بن ياسين فكان إلياس آل ياسين الثاني :( آل ياسين ) آل محمد ﷺ والثالث : أن ياسين اسم القرآن، كأنه قيل سلام الله على من آمن بكتاب الله الذي هو ياسين، والوجه هو الأول لأنه أليق بسياق الكلام، وأما القراءة الثانية ففيها وجوه الأول : قال الزجاج يقال ميكال وميكائيل وميكالين، فكذا ههنا إلياس وإلياسين والثاني : قال الفراء هو جمع وأراد به إلياس وأتباعه من المؤمنين، كقولهم المهلبون والسعدون قال :
أنا ابن سعد أكرم السعدينا.. ثم قال تعالى :﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى المحسنين * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين﴾ وقد سبق تفسيره، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٦ صـ ١٤٠ ـ ١٤٢﴾