فصل


قال الفخر :
ثم قال تعالى :﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً﴾
واختلفوا في المراد بالجنة على وجوه الأول : قال مقاتل : أثبتوا نسباً بين الله تعالى وبين الملائكة حين زعموا أنهم بنات الله، وعلى هذا القول فالجنة هم الملائكة سموا جناً لاجتنانهم عن الأبصار أو لأنهم خزّان الجنة، وأقول هذا القول عندي مشكل، لأنه تعالى أبطل قولهم الملائكة بنات الله، ثم عطف عليه قوله :﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً﴾ والعطف يقتضي كون المعطوف مغايراً للمعطوف عليه، فوجب أن يكون المراد من هذه الآية غير ما تقدم الثاني : قال : مجاهد قالت كفار قريش الملائكة بنات الله، فقال لهم أبو بكرالصديق : فمن أمهاتهم ؟ قالوا : سروات الجن، وهذا أيضاً عندي بعيد لأن المصاهرة لا تسمى نسباً والثالث : روينا في تفسير قوله تعالى :﴿وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء الجن﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ] أن قوماً من الزنادقة يقولون : الله وإبليس أخوان فالله الخير الكريم وإبليس هو الأخ الشرير الخسيس، فقوله تعالى :﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً﴾ المراد منه هذا المذهب، وعندي أن هذا القول أقرب الأقاويل.


الصفحة التالية
Icon