وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً ﴾
أكثر أهل التفسير أن الجِنّة هاهنا الملائكة.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : قالوا يعني كفار قريش الملائكة بنات اللّه، جل وتعالى.
فقال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه : فمن أمهاتهن.
قالوا : مخدّرات الجنّ.
وقال أهل الاشتقاق : قيل لهم جنّة لأنهم لا يُرَونَ.
وقال مجاهد : إنهم بطن من بطون الملائكة يقال لهم الجِنّة.
وروي عن ابن عباس.
وروى إسرائيل عن السدي عن أبي مالك قال : إنما قيل لهم جِنة لأنهم خُزان على الجِنان والملائكة كلهم جِنّة.
"نَسَباً" مصاهرة.
قال قتادة والكلبي ومقاتل : قالت اليهود لعنهم اللّه إنّ اللّه صاهر الجنّ فكانت الملائكة من بينهم.
وقال مجاهد والسدي ومقاتل أيضاً : القائل ذلك كنانة وخزاعة ؛ قالوا : إن اللّه خطب إلى سادات الجنّ فزوّجوه من سَرَوات بناتهم، فالملائكة بنات اللّه من سَرَوات بنات الجنّ.
وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة اللّه فهو النسب الذي جعلوه.
قلت : قول الحسن في هذا أحسن ؛ دليله قوله تعالى :﴿ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العالمين ﴾ [ الشعراء : ٩٨ ] أي في العبادة.
وقال ابن عباس والضحاك والحسن أيضاً : هو قولهم إن اللّه تعالى وإبليس أخوان ؛ تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً.
قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنة ﴾ أي الملائكة ﴿ إِنَّهُمْ ﴾ يعني قائل هذا القول ﴿ لَمُحْضَرُونَ ﴾ في النار ؛ قاله قتادة.
وقال مجاهد : للحساب.
الثعلبي : الأول أولى ؛ لأن الإحضار تكرر في هذه السورة ولم يرد اللّه به غير العذاب.
﴿ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ أي تنزيهاً للّه عما يصفون.
﴿ إِلاَّ عِبَادَ الله المخلصين ﴾ فإنهم ناجون من النار.
فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (١٦١) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (١٦٣)
فيه ثلاث مسائل :


الصفحة التالية
Icon