وهذا أيضاً بعيد لأن الله تعالى لما أمره بهذا العمل فلا يجوز أن يتركه، والأقرب فيه وجهان الأول : أن ذنبه كان لأن الله تعالى وعده إنزال الإهلاك بقومه الذين كذبوه فظن أنه نازل لا محالة، فلأجل هذا الظن لم يصبر على دعائهم، فكان الواجب عليه أن يستمر على الدعاء لجواز أن لا يهلكهم الله بالعذاب وإن أنزله، وهذا هو الأقرب لأنه إقدام على أمر ظهرت أماراته فلا يكون تعمداً للمعصية، وإن كان الأولى في مثل هذا الباب أن لا يعمل فيه بالظن ثم انكشف ليونس من بعد أنه أخطأ في ذلك الظن، لأجل أنه ظهر الإيمان منهم فمعنى قوله :﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك﴾ ما ذكرناه الوجه الثاني : أن يونس كان وعد قومه بالعذاب فلما تأخر عنهم العذاب خرج كالمستور عنهم فقصد البحر وركب السفينة، فذلك هو قوله :﴿إِذْ أَبَقَ إِلَى الفلك﴾ وتمام الكلام في مشكلات هذه الآية ذكرناه في قوله تعالى :