﴿وَذَا النون إِذ ذَّهَبَ مغاضبا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [ الأنبياء : ٨٧ ] وقوله :﴿إِلَى الفلك المشحون﴾ مفسر في سورة يونس والسفينة إذا كان فيها الحمل الكثير والناس يقال إنها مشحونة، ثم قال تعالى :﴿فساهم﴾ المساهمة هي المقارعة، يقال : أسهم القوم إذا اقترعوا، قال المبرد : وإنما أخذ من السهام التي تجال للقرعة ﴿فَكَانَ مِنَ المدحضين﴾ أي : المغلوبين يقال : أدحض الله حجته فدحضت أي : أزالها فزالت وأصل الكلمة من الدحض الذي هو الزلق، يقال : دحضت رجل البعير إذا زلقت، وذكر ابن عباس في قصة يونس عليه السلام أنه كان يسكن مع قومه فلسطين فغزاهم ملك وسبى منهم تسعة أسباط ونصفاً وبقي سبطان ونصف، وكان الله تعالى أوحى إلى بني إسرائيل إذا أسركم عدوكم أو أصابتكم مصيبة فادعوني أستجب لكم، فلما نسوا ذلك وأسروا أوحى الله تعالى بعد حين إلى نبي من أنبيائهم أن اذهب إلى ملك هؤلاء الأقوام وقل له حتى يبعث إلى بني إسرائيل نبياً، فاختار يونس عليه السلام لقوته وأمانته، قال يونس : الله أمرك بهذا قال : لا ولكن أمرت أن أبعث قوياً أميناً وأنت كذلك، فقال يونس : وفي بني إسرائيل من هو أقوى مني فلم لا تبعثه، فألح الملك عليه فغضب يونس منه وخرج حتى أتى بحر الروم ووجد سفينة مشحونة فحملوه فيها، فلما دخلت لجة البحر أشرفت على الغرق، فقال الملاحون : إن فيكم عاصياً وإلا لم يحصل في السفينة ما نراه من غير ريح ولا سبب ظاهر، وقال التجار : قد جربنا مثل هذا فإذا رأيناه نقترع، فمن خرج سهمه نغرقه، فلأن يغرق واحد خير من غرق الكل فخرج سهم يونس، فقال التجار : نحن أولى بالمعصية من نبي الله، ثم عادوا ثانياً وثالثاً يقترعون فيخرج سهم يونس، فقال : يا هؤلاء أنا العاصي وتلفف في كساء ورمى بنفسه فابتلعته السمكة فأوحى الله تعالى إلى الحوت :" ا تكسر منه عظماً ولا تقطع له وصلاً " ثم إن السمكة أخرجته إلى نيل مصر