وقال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
ومن المتشابهات : قوله تعالى :﴿وَعَجِبُواْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ﴾ بالواو، وفى ق :(فقال) بالفاءِ ؛ لأَنَّ اتَّصاله بما قبله فى هذه السّورة معنوى، وهو أَنَّهم عجِبُوا من مجئ المنذر وقالوا : هذا المنذر ساحر كذاب، واتِّصاله فى ق معنوىّ ولفظىّ ؛ وهو أَنهم عجبُوا، فقالوا : هذا شئ عجيب.
فراعى المطابقة بالعَجُزِ والصّدر، وختم بما بدأَ به، وهو النّهاية فى البلاغة.
قوله :﴿أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن
بَيْنِنَا﴾
وفى القمر ﴿أَأُلْقِيَ﴾ لأَنَّ ما فى هذه السّورة حكاية عن كفَّار قريش يُجيبون محمّدا - صلى الله عليه وسلَّم - حين قرأَ عليهم ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ فقالوا : أَأُنزل عليه الذكر.
ومثله ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ و ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ وهو كثير.
وما فى القمر حكاية عن قوم صالح.
وكان يأْتى الأَنبياءَ يومئذ صحفٌ مكتوبة، وأَلواح مسطورة ؛ كما جاءَ إِبراهيمَ وموسى.
فلهذا قالوا :﴿أَأُلْقِيَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ مع أَنَّ لفظ الإِلقاء يستعمل لما يستعمل له الإِنزال.
قوله :﴿وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا﴾، وفى الأَنبياءِ :﴿مِنْ عِنْدِنَا﴾ ؛ لأَنَّ الله - سبحانه وتعالى - ميّز أَيُّوب بحسن صبره على بلائه، من بين أَنبيائه، فحيث قال لهم : من عندنا قال له : منَّا، وحيث لم يقل لهم : من عندنا قال له : من عندنا [فخصت هذه السورة بقوله : منا لما تقدم فى حقهم (من عندنا)] فى مواضع.
وخُصّت سورة الأَنبياء بقوله :(من عندنا) لتفرّده بذلك.


الصفحة التالية
Icon