قد يجاء بإذ مَرَّتين، (وَقَد) يكون مَعْنَاهمَا كالواحد ؛ كقولكَ: ضَربتك إذْ دخلت عَلىَّ إذ اجترأت، فيكون الدخول هو الاجتراء. ويكون أن تجعَل أحدهمَا عَلى مذهَب لمَّا، فكأنه قال: ﴿إذ تسَوَّرُوا المحرابَ لَمَّا دَخَلوا﴾. إن شئت جَعَلت لَمّا فى الأوَّل. فإذا كانت لَمّا أوَّلاً وآخِراً فهى بعد صَاحبتِهَا ؛ كما تقول: أعطيته لمَّا سَألنى. فالسؤال. قبل الإعْطَاء فى تقدّمه وتأخّره.
وقوله: ﴿خَصْمَانِ﴾ رفعته بإضمار (نحن خصْمَان) والعرب تضمر للمتكلّم والمكلَّم المخاطب ما يرفع فِعْله. ولا يكادون يفعلون ذلك بغير المخاطَب أوالمتكلّم. منْ ذلكَ أن تقول للرَّجل: أذاهب، أو أنْ يقول المتكلم: وَاصلكم إن شاء الله ومحسن إليكم. وذلكَ أن المتكلّم والمكلَّم حاضِران، فتُعرف مَعْنى أسْمائهمَا إذا تُركت. وأكثره فى الاسْتفهَام ؛ يقولونَ: أجَادّ، أمنطلق. وقد يكون فى غير الاسْتفهام. فقوله (خَصْمَان) من ذلك. وقال الشاعر:
وَقولا إذا جاوزتمَا أرض عَامرٍ * وجاوزتما الحيَّيْنِ نَهداً وخَثْعما
نَزيعَانِ من جَرْم بن زَبَّان إنهم * أبوا أن يميرُوا فى الهزاهز مِحْجَما
وقال الآخر:
تقول ابنَة الكَعبىّ يوم لقيتُها * أمُنْطلق فى الجيش أم متثاقِلُ
وقد جَاء فى الآثار للراجع من سَفر: تائبونَ آئبونَ، لربنا حامدونَ. وقال: من أمثال العرب: مُحسنَة فهِيلى.
قال الفراء: جاء ضيف إلى امرأة ومَعه جِرابُ دقيق، فأقبلت تأخذ من جرابه لنفسهَا، فلَما أقبَل أخَذت من جِرابهَا إلى جرابه. فقال: ما تصنعين؟ قالت: أزيدك منْ دقيقى. قالك محسنة فهيلى. أى أَلقِى. وجَاء فى الآثار: مَن أعانَ على قتل مؤمنٍ بشَطر كلمة جَاء يوم القيامَة مكتوباً بَيْنَ عينَيْه: يائس من رحمة الله. وكلّ هذا بضمير ما أنباتك به.
ولو جاء فى الكتاب: خصْمَين بغى بعضُنَا لكان صَوَاباً بضمير أَتيناك خصمين، جئناك خَصْمين فلا تَخَفنا. ومثله قول الشاعر:


الصفحة التالية
Icon