قال تعالى "بَلْ هُمْ" هؤلاء الحسدة لرسولي على ما فضلته به عليهم "فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي" الذي أنزلته عليه المشحون بالتوحيد وهذا دائما من التعجب بتخصيص محمد به "بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ ٨" حتى يزول حسدهم لرسولي ورميهم لذكري فاذا ذاقوه زال ذلك منهم واتعظوا بمن قبلهم واعترفوا برسالته وإلهه وإن ما يقوله حق لا مرية فيه "أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ" يا محمد ليهبوا ما فيها من مفاتح النبوة لمن شاءوا وأرادوا ويصرفوها عنك.
قال تعالى "أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ" الآية ٣٢ من سورة الزخرف وبمعناها الآية ١٣٤ من الأنعام في ج ٢
كلا لا دخل لهم بها ولا بشيء من مختارات الإله بل هو من خصائص "الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ٩" القاهر الذي لا يقابلة شيء، كثير المواهب التي من جملتها تخصيصك بالنبوة "أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما" حتى يتداخلوا فيما بستأثر به مالكهما من إعطاء ومنع فإذا كان لهم شيء من ذلك "فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ١٠" التي توصلهم إلى أقطارها ليديروا أمر العالم وينزلوا الوحي على من يريدونه في الأرض، وهذه الجملة في معرض التهديد إذ ليس لأحد من قدرة على ذلك غيره، واستدل حكماء الإسلام بهذه على ان الاجرام الفلكية وما أودع فيها من خواص وقوى اسباب لحوادث العالم السفلي لأن اللّه تعالى سمّى الفلكيات أسبابا ومهما كان ذلك، ولهذا فإن ما يزعمه الفلكيون من صعودهم إلى المريخ والقمر وغيرهما من الكواكب زعم بعيد عليهم لم يدركوه ولن يدركوه لأن اللّه تعالى قال لا تنفذوا إلا بسلطان راجع الآية ٣٢ من سورة الرحمن إذ تحدى بها الجن والإنس وأذلهم ذلك السلطان الذي يتوصلون به إلى النفوذ في أقطار السموات والأرض.


الصفحة التالية
Icon