وقوله تعالى :﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ﴾ أي : اخترناه من بين سائر الخلق بالرسالة والنبوة والإمامة، وتكثير الأنبياء من نسله، وإعطاء الخلة، وإظهار المناسك عليه، وجعل بيته آمناً، ذا آيات بينات إلى يوم القيامة ﴿ وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّاْلِحِيْنَ ﴾ الذين لهم الدرجات العلى، وفي هذا أكبر تفخيم لرتبة الصلاح، حيث جعله من المتصفين بها، فهو حقيق بالإمامة، لعلو رتبته عند الله تعالى في الدارين، ففي ذلك أعظم ترغيب قي اتباع دينه، والاهتداء بهديه. وأشدّ ذم لمن خالفه.
قال الراغب : إن قيل كيف وصفه بالاصطفاء في الدنيا، وبالصلاح في الآخرة، والنظر يقتضي عكس ذلك ؛ فإن الصلاح وصف يرجع إلى الفعل، وذلك يكون في الدنيا، والاصطفاء حال يستحقه العبد بكونه صالحاً، فحقه أن يكون في الآخرة ؟


الصفحة التالية