ورابعها : أن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان منادي الشريعة في الحج :﴿وَأَذّن فِى الناس بالحج﴾ [الحج : ٢٧] وكان محمد ـ عليه السلام ـ منادي الدين :﴿سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِى للإيمان﴾ [آل عمران : ١٩٣] فجمع الله تعالى بينهما في الذكر الجميل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ٦٠﴾
قوله تعالى ﴿وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب﴾
قال الفخر :
قوله :﴿وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب﴾ والمراد أنه يأمرهم بتلاوة الكتاب ويعلمهم معاني الكتاب وحقائقه، وذلك لأن التلاوة مطلوبة لوجوه : منها بقاء لفظها على ألسنة أهل التواتر فيبقى مصوناً عن التحريف والتصحيف، ومنها أن يكون لفظه ونظمه معجزاً لمحمد ـ ﷺ ـ، ومنها أن يكون في تلاوته نوع عبادة وطاعة، ومنها أن تكون قراءته في الصلوات وسائر العبادات نوع عبادة، فهذا حكم التلاوة إلا أن الحكمة العظمى والمقصود الأشرف تعليم ما فيه من الدلائل والأحكام، فإن الله تعالى وصف القرآن بكونه هدى ونوراً لما فيه من المعاني والحكم والأسرار، فلما ذكر الله تعالى أولاً أمر التلاوة ذكر بعده تعليم حقائقه وأسراره فقال :﴿وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٤ صـ ٦٠﴾
قوله تعالى ﴿وَالْحِكْمَةَ﴾
سؤال : ما المراد بالحكمة ؟
اختلف المفسرون في المراد بالحكمة ههنا على وجوه.
أحدها : قال ابن وهب قلت لمالك : ما الحكمة ؟ قال : معرفة الدين، والفقه فيه، والاتباع له.
وثانيها : قال الشافعي رضي الله عنه : الحكمة سنة رسول الله ـ ﷺ ـ.
وهو قول قتادة، قال أصحاب الشافعي رضي الله عنه : والدليل عليه أنه تعالى ذكر تلاوة الكتاب أولاً وتعليمه ثانياً ثم عطف عليه الحكمة فوجب أن يكون المراد من الحكمة شيئاً خارجاً عن الكتاب، وليس ذلك إلا سنة الرسول ـ عليه السلام ـ.