كان الشيخ محمد بن عبد السلام يقول : إنه بحسب المجالس فحيث تقدم التعليم تكون تلك الآية نزلت عليه بمحضر الخواص ومن هو أهل للتعليم، فيكون التعليم أَهَمّ، وحيث تقدم التزكية تكون الآية نزلت عليه في موضع أكثره عوام، فتكون التزكية في حقهم أهمّ.
قوله تعالى :﴿إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم﴾.
( لَمْ) يَقُلْ : الغفور الرحيم لأن العزيز هو الذي ينفذ مراده ولا ينفّذ فيه مراد (أحد) والحكيم هو الذي تضمنه قوله تعالى :﴿الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ وقوله ﴿وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ أ هـ ﴿تفسير ابن عرفة حـ ١ صـ ٤١٩ ـ ٤٢٠﴾
كلام نفيس فى الاسمين الجليلين لحجة الإسلام
قال الإمام الغزالى قدس سره فى شرح الأسماء الحسنى :
العزيز : هو الخطير الذى يقل وجود مثله وتشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه فما لم تجتمع هذه المعانى الثلاثة لم يطلق ﴿العزيز﴾ فكم من شئ يقل وجوده ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيزا، وكم من شئ يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول إليه لم يسم عزيزا كالشمس مثلا فإنها لا نظير لها والأرض كذلك والنفع عظيم فى كل واحدة منهما والحاجة شديدة إليهما ولكن لا توصفان بالعزة لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاهدتهما فلا بد من اجتماع المعانى الثلاثة
ثم فى كل من المعانى الثلاثة كمال ونقصان فالكمال فى قلة الوجود أن يرجع إلى واحد إذ لا أقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا إلا الله تعالى، فإن الشمس وإن كانت واحدة فى الوجود فليست واحدة فى الإمكان فيمكن وجود مثلها والكمال فى النفاسة وشدة الحاجة أن يحتاج إليه كل شئ فى كل شئ حتى فى وجوده وبقائه وصفاته وليس ذلك الكمال إلا لله تعالى فهو العزيز المطلق الحق الذى لا يوازيه فيه غيره.


الصفحة التالية
Icon