، فثبت بما ذكرنا أن حمل قوله :﴿حتى تَوَارَتْ بالحجاب﴾ على تواري الشمس وأن حمل قوله :﴿رُدُّوهَا عَلَىَّ﴾ على أن المراد منه طلب أن يرد الله الشمس بعد غروبها كلام في غاية البعد عن النظم.
ثم قال تعالى :﴿فَطَفِقَ مَسْحاً بالسوق والأعناق﴾ أي فجعل سليمان عليه السلام يمسح سوقها وأعناقها، قال الأكثرون معناه أنه مسح السيف بسوقها وأعناقها أي قطعها، قالوا إنه عليه السلام لما فاتته صلاة العصر بسبب اشتغاله بالنظر إلى تلك الخيل استردها وعقر سوقها وأعناقها تقرباً إلى الله تعالى، وعندي أن هذا أيضاً بعيد، ويدل عليه وجوه الأول : أنه لو كان معنى مسح السوق والأعناق قطعها لكان معنى قوله :﴿وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ [ المائدة : ٦ ] قطعها، وهذا مما لا يقوله عاقل بل لو قيل مسح رأسه بالسيف فربما فهم منه ضرب العنق، أما إذا لم يذكر لفظ السيف لم يفهم ألبتة من المسح العقر والذبح الثاني : القائلون لهذا القول جمعوا على سليمان عليه السلام أنواعاً من الأفعال المذمومة فأولها : ترك الصلاة وثانيها : أنه استولى عليه الاشتغال بحب الدنيا إلى حيث نسي الصلاة، وقال ﷺ :" حب الدنيا رأس كل خطيئة " وثالثها : أنه بعد الإتيان بهذا الذنب العظيم لم يشتغل بالتوبة والإنابة ألبتة ورابعها : أنه خاطب رب العالمين بقوله :﴿رُدُّوهَا عَلَىَّ﴾ وهذه كلمة لا يذكرها الرجل الحصيف إلا مع الخادم الخسيس وخامسها : أنه أتبع هذه المعاصي بعقر الخيل في سوقها وأعناقها، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم