قال الجمهور : عرضت عليه آلاف من الخيل تركها أبوه له، وقيل : ألف واحد، فأجريت بين يديه عشياً، فتشاغل بحسنها وجريها ومحبتها عن ذكر له، فقال : ردوها عليّ.
فطفق يضرب أعناقها وعراقيبها بالسيف لما كانت سبب الذهول عن ذلك الذكر، فأبد له الله أسرع منها الريح.
وقال قوم، منهم الثعلبي : كانت بالناس مجاعة، ولحوم الخيل لهم حلال، فعقرها لتؤكل على سبيل القربة، ونحر الهدى عندنا. انتهى.
وفي هذه القصة ألفاظ فيها غض من منصب النبوّة كفينا عنه.
والخير في قوله ﴿ حب الخير ﴾ : أي هذا القول يراد به الخيل.
والعرب تسمي الخيل الخير، قاله قتادة والسدي : وقال الضحاك، وابن جبير : الخير هنا المال، وانتصب حب الخير، قيل : على المفعول به لتضمن أحببت معنى آثرت، قاله الفرّاء.
وقيل : منصوب على المصدر التشبيهي، أي أحببت الخيل كحب الخير، أي حباً مثل حب الخير.
وقيل : عدى بعن فضمن معنى فعل يتعدى بها، أي أنبت حب الخير عن ذكر ربي، أو جعلت حب الخير مغنياً عن ذكر ربي.
وذكر أبو الفتح الهمداني في كتاب التبيان أن أحببت بمعنى : لزمت، من قوله :
مثل بعير السوء إذ أحبا...
وقالت فرقة :﴿ أحببت ﴾ : سقطت إلى الأرض، مأخوذ من أحب البعير إذا أعيى وسقط.
قال بعضهم : حب البعير : برك، وفلان : طأطأ رأسه.
وقال أبو زيد : بعير محب، وقد أحب إحباباً، إذا أصابه مرض أو كسر، فلا يبرح مكانه حتى يبرأ أو يموت.
قال ثعلب : يقال للبعير الحسير محب، فالمعنى : قعدت عن ذكر ربي.
وحب الخير على هذا مفعول من أجله، والظاهر أن الضمير في ﴿ توارت ﴾ عائد على ﴿ الصافنات ﴾، أي دخلت اصطبلاتها، فهي الحجاب.
وقيل : حتى توارت في المسابقة بما يحجبها عن النظر.
وقيل : الضمير للشمس، وإن لم يجر لها ذكر لدلالة العشي عليها.