وعظماءُ بني إسرائيلَ حكمَ الشَّيطانِ ثم طارَ اللعينُ وقذفَ الخاتمَ في البحرِ فابتلعتْهُ سمكةٌ فوقعتْ في يدِ سليمانَ فبقرَ بطنَها فإذَا هُو بالخاتمِ فتختَّم به وخرَّ ساجداً وعادَ إليه ملكه وجاب صخرةً لصخرٍ فجعلَه فيها وسدَّ عليه بأُخرى ثم أوثَقهما بالحديدِ والرَّصاص وقذفه في البحرِ وعلى هذا. فالجسدُ عبارةٌ عن صخرٍ سمِّي به وهو جسمٌ لا رُوحَ فيه لأنَّه تمثَّل بما لم يكن كذلكَ والخطيئةُ تغافلُه عليه الصَّلاةُ السَّلام عن حالِ أهلِه لأنَّ اتِّخاذَ التَّماثيلِ لم يكُن محظُوراً حينئذٍ، وسجودُ الصُّورةِ بغير علمٍ منه لا يضرُّه.
﴿ قَالَ ﴾ بدل من أنابَ وتفسيره له ﴿ رَبّ اغفر لِى ﴾ أي ما صدرَ عنِّي من الزَّلَّةِ ﴿ وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لاِحَدٍ مّن بَعْدِى ﴾ لا يتسهل له ولا يكونُ ليكونَ معجزةً لي مناسبةً لحالي فإنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا نشأَ في بيتِ الملكِ والنُّبوة وورثهما معاً استدعى من ربِّه معجزةً جامعةً لحكمهما أو لا ينبغي لأحدٍ أنْ يسلَبه منِّي بعد هذه السَّلبةِ أو لا يصحُّ لأحدٍ من بعدي لعظمتِه كقولِك لفلان ما ليسَ لأحدٍ من الفضلِ والمالِ على إرادة وصف الملكِ بالعظمةِ لا أنْ لا يعطى أحد مثله فيكون منافسة وقيل كان مُلكاً عظيماً فخاف أنْ يُعطى مثلَه أحدٌ فلا يحافظُ على حدودِ الله تعالى. وتقديمُ الاستغفارِ على الاستيهابِ لمزيد اهتمامِه بأمر الدِّينِ جرياً على سَننِ الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ والصَّالحين. وكون ذلك أدخلَ في الإجابةِ. وقُرىء ليَ بفتحِ الياءِ ﴿ إِنَّكَ أَنتَ الوهاب ﴾ تعليلٌ للدُّعاءِ بالمغفرةِ والهبةِ معاً لا بالأخيرة فقط فإنَّ المغفرةَ أيضاً من أحكامِ وصفِ الوهَّابيةِ فقط.


الصفحة التالية
Icon