وبالجملة القول برد الشمس لسليمان عليه السلام غير مسلم، وعدم قولي بذلك ليس لامتناع الرد في نفسه كما يزعمه الفلاسفة بل لعدم ثبوته عندي، والذوق السليم يأبى حمل الآية على ذلك لنحو ما قال الرازي ولغيره من تعقيب طلب الرد بقوله تعالى :﴿ فَطَفِقَ ﴾ الخ ثم ما قدمنا نقله من وقوع الصلاة بعد الرد قضاء هو ما ذهب إليه البعض.
وفي تحفة العلامة ابن حجر الهيتمي لو عادت الشمس بعد الغروب عاد الوقت كما ذكره ابن العماد، وقضية كلام الزركشي خلافه وأنه لو تأخر غروبها عن وقته المعتاد قدر غروبها عنده وخرج الوقت وإن كانت موجودة انتهى كلام الزركشي، وما ذكر آخراً بعيد وكذا أولاً فالأوجه كلام ابن العماد ولا يضركون عودها معجزة له ﷺ لأن المعجزة نفس العود وأما بقاء الوقت بعودها فحكم الشرع ومن ثم لما عادت صلى علي كرم الله تعالى وجهه العصر أداء بل عودها لم يكن إلا لذلك انتهى.
ولا يحضرني الآن ما لأصحابنا الحفنية في ذلك بيد أني رأيت في "حواشي تفسير البيضاوي" لشهاب الدين الخفاجي وهو من أجلة الأصحاب ادعاء أن الظاهر أن الصلاة بعد الرد أداء ثم قال : وقد بحث الفهقاء فيه بحثاً طويلاً ليس هذا محله، وقيل ضمير ﴿ تَوَارَتْ ﴾ للخيل كضمير ﴿ رُدُّوهَا ﴾ واختاره جمع فقيل الحجاب اصطبالاتها أي حتى دخلت اصطبلاتها، وقيل حتى توارت في المسابقة بما يحجبها عن النظر، وبعض من قال بإرجاع الضمير للخيل جعل عن للتعليل ولم يجعل المسح بالسوق والأعناق بالمعنى السابق فقالت طائفة : عرض على سليمان الخيل وهو في الصلاة فأشار إليهم إني في صلاة فأزالوها عنه حتى دخلت في الاصطبلات فقال لما فرغ من صلاته :﴿ إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ الخير ﴾ [ ص : ٣٢ ] أي الذي لي عند الله تعالى في الآخرة بسبب ذكر ربي كأنه يقول فشغلني ذلك عن رؤية الخيل حتى دخلت اصطبلاتها ردوها على فطفق يمسح أعرافها وسوقها محبة لها وتكريماً.


الصفحة التالية
Icon