وقوله تعالى :﴿لاَ مَرْحَباً بِهِمْ﴾ دعاء منهم على أتباعهم، يقول الرجل لمن يدعو له مرحباً أي أتيت رحباً في البلاد لا ضيقاً أو رحبت بلادك رحباً، ثم يدخل عليه كلمة لا في دعاء السوء، وقوله :﴿بِهِمُ﴾ بيان للمدعو عليهم أنهم صالوا النار تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ [ الأعراف : ٣٨ ] قالوا أي الأتباع ﴿بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ﴾ يريدون أن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به، وعللوا ذلك بقولهم :﴿أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا﴾ والضمير للعذاب أو لصليهم، فإن قيل ما معنى تقديمهم العذاب لهم ؟ قلنا الذي أوجب التقديم هو عمل السوء قال تعالى :﴿ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق * ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٨١، ١٨٢ ] إلا أن الرؤساء لما كانوا هم السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه قيل أنتم قدمتموه لنا فجعل الرؤساء هم المقدمين وجعل الجزاء هو المقدم، والضمير في قوله :﴿قَدَّمْتُمُوهُ﴾ كناية عن الطغيان الذي دل عليه قوله :﴿وَإِنَّ للطاغين لشَرُّ مَئَابٍ﴾ وقوله :﴿فَبِئْسَ القرار﴾ أي : بئس المستقر والمسكن جهنم، ثم قالت الأتباع ﴿رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هذا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً﴾ أي مضاعفاً ومعناه ذا ضعف ونظيره قوله تعالى :
﴿رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا﴾ [ الأعراف : ٣٨ ] وكذلك قوله تعالى :﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السبيلا * رَبَّنَا ءاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العذاب﴾ [ الأحزاب : ٦٧، ٦٨ ] فإن قيل كل مقدار يفرض من العذاب فإن كان بقدر الاستحقاق لم يكن مضاعفاً، وإن كان زائداً عليه كان ظالماً وإنه لا يجوز.


الصفحة التالية
Icon