قلنا المراد منه قوله عليه السلام :" ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " والمعنى أنه يكون أحد القسمين عذاب الضلال، والثاني عذاب الإضلال، والله أعلم.
وهههنا آخر شرح أحوال الكفار مع الذين كانوا أحباباً لهم في الدنيا، وأما شرح أحوالهم مع الذين كانوا أعداء لهم في الدنيا فهو قوله :﴿وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ الأشرار﴾ يعني أن الكفار إذا نظروا إلى جوانب جهنم فيحنئذ يقولون :﴿مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ الأشرار﴾ يعنون فقراء المسلمين الذين لا يؤبه بهم وسموهم من الأشرار، إما بمعنى الأراذل الذين لا خير فيهم ولا جدوى، أو لأنهم كانوا على خلاف دينهم فكانوا عندهم أشراراً ثم قالوا :﴿أتخذناهم سِخْرِيّاً﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي ﴿مّنَ الأشرار أتخذناهم﴾ بوصل ألف ﴿أتخذناهم﴾ والباقون بفتحها على الاستفهام، قال أبو عبيد وبالوصل يقرأ لأن الاستفهام متقدم في قوله :﴿مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالاً﴾، ولأن المشركين لا يشكون في اتخاذهم المؤمنين في الدنيا سخرياً، لأنه تعالى قد أخبر عنهم بذلك في قوله :﴿فاتخذتموهم سِخْرِيّاً حتى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِى﴾ [ المؤمنون : ١١٠ ] فكيف يحسن أن يستفهموا عن شيء علموه ؟ أجاب الفراء عنه بأن قال هذا من الاستفهام الذي معناه التعجيب والتوبيخ، ومثل هذا الاستفهام جائز عن الشيء المعلوم، أما وجه قول من ألحق الهمزة للاستفهام أنه لا بد من المصير إليه ليعادل قوله :﴿أتخذناهم﴾ بأم في قوله :﴿أَمْ زَاغَتْ عنهُمْ﴾ فإن قيل فما الجملة المعادلة لقوله :﴿أَمْ زَاغَتْ﴾ على القراءة الأولى ؟ قلنا إنها محذوفة والمعنى المقصودون هم أم زاغت عنهم الأبصار.
المسألة الثانية :