قوله تعالى :﴿ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾ قرأ أبو عمرو :"وَأخَرُ" جمع أخرى مثل الكبرى والكُبَر.
الباقون :"وَآخَرُ" مفرد مذكر.
وأنكر أبو عمرو "وَآخَرُ" لقوله تعالى :﴿ أَزْوَاجٌ ﴾ أي لا يخبر بواحد عن جماعة.
وأنكر عاصم الجحدريّ "وَأخَرُ" قال : ولو كانت "وَأُخَرُ" لكان من شكلها.
وكلا الردين لا يلزم والقراءتان صحيحتان.
"وَآخرُ" أي وعذاب آخر سوى الحميم والغساق.
"مِنْ شَكْلِهِ" قال قتادة : من نحوه.
قال ابن مسعود : هو الزمهرير.
وارتفع "وآخر" بالابتداء و"أَزْوَاجٌ" مبتدأ ثانٍ و"مِنْ شَكْلِهِ" خبره والجملة خبر "آخر".
ويجوز أن يكون "وآخر" مبتدأ والخبر مضمر دل عليه ﴿ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ لأن فيه دليلاً على أنه لهم، فكأنه قال : ولهم آخر ويكون ﴿ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴾ صفة لآخر فالمبتدأ متخصص بالصفة و"أَزْوَاجٌ" مرفوع بالظرف.
ومن قرأ "وَأُخرُ" أراد وأنواع من العذاب أُخَرُ، ومن جمع وهو يريد الزمهرير فعلى أنه جعل الزمهرير أجناساً فجمع لاختلاف الأجناس.
أو على أنه جعل لكل جزء منه زمهريراً ثم جمع كما قالوا : شابت مفارقه.
أو على أنه جمع لما في الكلام من الدلالة على جواز الجمع ؛ لأنه جعل الزمهرير الذي هو نهاية البرد بإزاء الجمع في قوله :﴿ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ والضمير في "شكْلِهِ" يجوز أن يعود على الحميم أو الغسّاق.
أو على معنى :"وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ" ما ذكرنا، ورفع "أُخَرُ" على قراءة الجمع بالابتداء و"مِنْ شَكْلِهِ" صفة له وفيه ذكر يعود على المبتدأ و"أَزْوَاجٌ" خبر المبتدأ.
ولا يجوز أن يحمل على تقدير ولهم أخر و"مِنْ شَكْلِهِ" صفة لأخر و"أَزْوَاجٌ" مرتفعة بالظرف كما جاز في الإفراد ؛ لأن الصفة لا ضمير فيها من حيث ارتفع "أَزْوَاجٌ" بالظرف ولا ضمير في الظرف، والهاء في "شكله" لا تعود على "أخر" لأنه جمع والضمير مفرد ؛ قاله أبو علي.


الصفحة التالية
Icon