﴿ هذا ﴾ إشارةٌ إلى ما تقدَّمَ من الآياتِ النَّاطقةِ بمحاسِنهم. ﴿ ذُكرٌ ﴾ أي شَرفٌ لهم وذكرٌ جميلٌ يُذكرون به أبداً أو نوعٌ من الذِّكرِ الذي هو القرآنُ وبابٌ منه مشتملٌ على أنباءِ الأنبياءِ عليهم السَّلامُ. وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما : هذا ذكرُ مَن مضى من الأنبياءِ. وقولُه تعالى ﴿ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ﴾ شروع في بيان أجرِهم الجزيل في الآجلِ بعد بيان ذكرِهم الجميلِ في العاجلِ وهو بابٌ آخرُ من أبواب التَّنزيلِ. والمرادُ بالمتَّقينَ إمَّا الجنسُ وهم داخلون في الحكم دُخولاً أوليَّاً وإما نفسُ المذكورين عبَّر عنهم بذلك مَدْحاً لهم بالتَّقوى التي هي الغايةُ القاصيةُ من الكمالِ. ﴿ جنات عَدْنٍ ﴾ عطفُ بيانٍ لحسنَ مآبٍ عندَ من يجوِّزُ تخالفَهما تعريفاً وتنكيراً فإنَّ عَدْناً مَعْرِفةٌ لقولِه تعالى :﴿ جنات عَدْنٍ التى وَعَدَ الرحمن عِبَادَهُ ﴾ أو بدلٌ منه أو نصب على المدحِ. وقولُه تعالى :﴿ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الابواب ﴾ حالٌ من جنَّاتِ عَدْنٍ، والعاملُ فيها ما في للمتَّقين من معنى الفعلِ. والأبوابُ مرتفعةٌ باسمِ المفعولِ والرَّابطُ بين الحالِ وصاحبِها إمَّا ضميرٌ مقدَّرٌ كما هو رأيُ البصريِّينَ أي الأبوابُ منها أو الألفُ واللاَّمُ القائمةُ مقامَه كما هو رأيُ الكوفيِّينَ إذِ الأصلُ أبوابُها، وقُرئتا مرفوعتينِ على الابتداءِ والخبرِ، أو على أنَّهما خبرانِ لمحذوفٍ أي هي جنَّاتُ عدنٍ هي مفتّحةٌ.


الصفحة التالية
Icon