وهذه كلها عبارة عن القدرة والقوة، وعبر عن هذا المعنى بذكر اليد تقريباً على السامعين، إذا المعتاد عند البشر أن القوه والبطش والاقتدار إنما هو باليد، وقد كانت جهالة العرب بالله تعالى تقتضي أن تنكر نفوسها أن يكون خلق بغير مماسة، ونحو هذا من المعاني المعقولة، وذهب القاضي ابن الطيب إلى أن اليد والعين والوجه صفات ذات زائدة على القدرة والعلم غير ذلك من متقرر صفاته تعالى، وذلك قول مرغوب عنه ويسميها الصفات الخبرية. وروي في بعض الآثار أن الله تعالى خلق أربعة أشياء بيده وهي : العرش والقلم وجنة عدن وآدم وسائر المخلوقات بقوله :" كن ".
قال القاضي أبو محمد : وهذا إن صح فإنما ذكر على جهة التشريف للأربعة والتنبيه منها، وإلا فإذا حقق النظر فكل مخلوق فهوة بالقدرة التي بها يقع الإيجاد بعد العدم.
وقرأت فرقة :" استكبرت " بصلة الألف على الخبر عن إبليس، وتكون ﴿ أم ﴾ بينة الانقطاع لا معادلة لها. وقرأت فرقة :" أستكبرت " بقطع الألف على الاستفهام، ف ﴿ أم ﴾ على هذا معادلة للألف، وذهب كثير من النحويين إلى أن " أم " لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين، وإنما تكون معادلة إذا أدخلتا على فعل واحد، كقولك : أزيد قام أم عمرو؟ وقولك : أقام زيد أم عمرو؟ قالوا : وإذا اختلف الفعلان كهذه الآية فليست أم معادلة، ومعنى الآية : أحدث لك الاستكبار الآن أن كنت قديماً ممن لا يليق أن تكلف مثل هذا لعلو مكانك، وهذا على جهة التوبيخ.