وقول إبليس :﴿ أنا خير منه ﴾ قياس أخطأ فيه، وذلك أنه لما توهم أن النار أفضل من الطين، قاس أن ما يخلق من الأفضل فهو أفضل من الذي يخلق من المفضول، ولم يدر أن الفضائل تخصيصات من الله تعالى يسم بها من شاء، وفي قوله رد على حكمة الله تعالى وتجوير. وذلك بين في قوله :﴿ أرأيتك هذا الذي كرمت علي ﴾ [ الإسراء : ٦٢ ] ثم قال :﴿ أنا خير منه ﴾، وعند هذه المقالة اقترن كفر إبليس به إما عناداً على قول من يجيزه، وإما بأن سلب المعرفة، وظاهر أمره أنه كفر عناداً، لأن الله تعالى قد حكم عليه بأنه كافر، ونحن نجده خلال القصة يقول : يا رب بعزتك وإلى يوم يبعثون، فهذا كله يقتضي المعرفة، وإن كان للتأويل فيه مزاحم فتأمله، ثم أمر الله تعالى إبليس بالخروج على جهة الادخار له، فقالت فرقة : أمره بالخروج من الجنة.
وقالت فرقة : من السماء. وحكى الثعلبي عن الحسن وأبي العالية أن قوله :﴿ منها ﴾ يريد به من الخلقة التي أنت فيها ومن صفات الكرامة التي كانت له، قال الحسين بن الفضل : ورجعت له أضدادها، وعلى القول الأول فإنما أمره أمراً يقتضي بعده عن السماء، ولا خلاف أنه أهبط إلى الأرض. و" الرجيم " : المرجوم بالقول السيىء. و" اللعنة " الإبعاد. و: ﴿ يوم الدين ﴾ يوم القيامة. و﴿ الدين ﴾ : الجزاء، وإنما حد له اللعنة ب ﴿ يوم الدين ﴾، ولعنته إنما هي مخلدة ليحصر له أمد التوبة، لأن امتناع توبته بعد يوم القيامة، إذ ليست الآخرة دار عمل، ثم إن إبليس سأل النظرة وتأخير الأجل إلى يوم بعث الأجساد من القبور، فأعطاه الله تعالى الإبقاء ﴿ إلى يوم الوقت المعلوم ﴾.