أو يكون المعنى : هذا جامع بين الوصفين ويكون قوله تعالى :﴿فليذوقوه﴾ جملة اعتراضية. ثالثها : أنه مبتدأ والخبر محذوف أي : هذا كما ذكر وهذا للطاغين وقيل غير ذلك، وقيل : هذا على التقديم والتأخير والتقدير : هذا حميم وغساق فليذوقوه وقيل التقدير : جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه ثم يبتدئ فيقول : حميم وغساق أي : منه حميم وغساق، والحميم : الحار الذي انتهى حره، والغساق : ما يسيل من صديد أهل النار، وقال كعب : هو عين في جهنم يسيل إليها كل ذوب حية وعقرب، وقال أبو عمرو : هو القيح الذي يسيل من أهل النار فيجتمع فيسقونه، وقال قتادة : هو ما يغسق أي : يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار ولحومهم وفروج الزناة، وقيل : هو المنتن بلغة الترك، حكى الزجاج لو قطرت منه قطرة بالمغرب لأنتنت أهل المشرق، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين والباقون بالتخفيف وقرأ أبو عمرو:
﴿وأخر﴾ بضم الهمزة على جمع أخرى مثل الكبرى والكبر أي : أصناف أخر من العذاب ﴿من شكله﴾ أي : مثل المذكور من الحميم والغساق، والباقون بفتح الهمزة ممدودة على التوحيد على أنه لما ذكروا، اختار أبو عبيدة الجمع لأنه تعالى نعته بالجمع فقال سبحانه وتعالى :﴿أزواج﴾ أي : أصناف أي : عذابهم من أنواع مختلفة، ويقال لهم عند دخولهم النار بأتباعهم:
﴿هذا فوج﴾ أي : جمع كثيف ﴿مقتحم﴾ أي : داخل ومفعوله محذوف أي : مقتحم النار ﴿معكم﴾ بشدة، فيقول المتبوعون :﴿لا مرحباً بهم﴾ أي : لاسعة عليهم أو لا سمعوا مرحباً وقولهم :﴿إنهم صالو النار﴾ أي : داخلون النار بأعمالهم مثلنا تعليل لاستجابة الدعاء عليهم ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿كلما دخلت أمة لعنت أختها﴾ (الأعراف :)
وقال الكلبي : إنهم يضربون بالمقامع حتى يوقعوا أنفسهم في النار خوفاً من تلك المقامع.