وقال القاسمى :
﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبَراهِيْمَ وَإسْحَاقَ وَيَعَقُوبَ أُوْلِى الأيْدِى والأبْصَارِ ﴾
أي : ذوي القوة في العبادة، والأفكار في معرفة الله تعالى. قال القاشاني : أي : العمل والعلم، لنسبة الأول إلى الأيدي، والثاني إلى البصر والنظر، وهم أرباب الكمالات العملية والنظرية.
قال الشهاب : الأيدي، مجاز عن القوة، مجاز مرسل. والأبصار : جمع بصر بمعنى بصيرة، وهو مجاز أيضاً، لكنه مشهور فيه، وإذا أريد بـ : الأيدي الأعمال، فهو من ذكر السبب وإرادة المسبب. والأبصار : بمعنى البصائر مجاز عما يتفرع عليهما من المعارف كالأول أيضاً. وعلى الوجهين، فيه تعريض بأن من ليس كذلك، كان لا جارحة له ولا بصر. انتهى.
﴿ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم ﴾ أي : صفيناهم عن شعوب صفات النفوس، وكدورة حظوظها [ في المطبوع : حظوظا ]، وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية :﴿ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ أي : الباقية والمقر الأصلي، أي : استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم العلم القدس، وإعراضهم عن معدن الرجس، مستشرقين لأنوارنا، لا التفات لهم إلى الدنيا، وظلماتها أصلاً.
لطيفة :
قال السمين : قرأ نافع وهشام :﴿ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ ﴾ بالإضافة، وفيها أوجه : أحدها - أن يكون أضاف خالصة إلى ذكرى للبيان ؛ لأن الخالصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى. كما قوله :﴿ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾ [ النمل : ٧ ]، لأن الشهاب يكون قبساً وغيره.
الثاني - أن الخالصة مصدر بمعنى إخلاص، فيكون مصدراً مضافاً لمفعوله، والفاعل محذوف، أي : بأن أخلصوا ذكر الدار، وتناسوا عند ذكرها ذكر الدنيا، وقد جاء المصدر على فاعلة كالعاقبة، أو يكون المعنى بأن أخلصنا نحن لهم ذكرى الدار، وقرأ الباقون بالتنوين وعدم الإضافة، وفيها أوجه :


الصفحة التالية
Icon