﴿ وَقَالُوا ﴾ أي : الطاغون، أو الأتباع :﴿ مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ ﴾ يعنون فقراء المسلمين الذين يسترذلونهم، ويسخرون بهم.
﴿ أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً ﴾ قرئ بلفظ الإخبار على أنه صفة لـ : رجالاً. وبهمزة الاستفهام على أنه إنكار على أنفسهم، وتأنيب لها في الاستسخار منهم. وقوله تعالى :﴿ أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴾ أي : مالت عنهم كبراً، وتنحّت عنهم أنفة. والمعنى أي : الفعلين فعلنا بهم، السخرية منهم أم الإزراء بهم، على معنى إنكار الأمرين على أنفسهم، تحسراً وندامة على ما فعلوا، وعلى ما حاق بهم وحدهم من سوء العذاب، وقيل : أم، بمعنى بل ؛ أي : بل زاغت عنهم أبصارنا لخفاء مكانهم علينا في النار ؛ كأنهم يسلّون أنفسهم بالمحال، يقولون : أو لعلهم معنا في جهنم، ولكن لم يقع بصرنا عليهم، فعند ذلك يعرفون أنهم في الدرجات العاليات، وهو قوله عز وجل :﴿ وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [ الأعراف : ٤٤ ]، إلى قوله :﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾ [ الأعراف : ٤٩ ]، الآية. وقيل : أم بمعنى بل أيضاً، أي : بل زاغت عنهم أبصارنا لكونها في دار أخرى وهي دار النعيم. و^رئ سُخْريّاً بضم السين، وكسرها.